فإذا كان الحال في التسليم الذي هو جزء من الصلاة هكذا ، فما ظنّك في مخاطبة المصلّي مع عيره ، ومحاورته ومكالمته ممّا يكون حرمته على المصلّي لا خفاء فيها؟ وينادي ما ذكرنا في ذلك المبحث بها.
مع أنّه يظهر من المقام أيضا ، وهذه الرواية وفتاوى الأصحاب ، ولذا يكون البدأة بالسلام ممنوعا منها في حال الصلاة من المصلّي ، كما لا يخفى على المتأمّل. فإنّ الأصحاب اشترطوا في جواز تسليم المصلّي أن يكون مسلّم سلّم عليه ، فيكون المصلّي رادّا.
ولم يظهر من الأخبار أيضا هذه الصورة ، بل في أكثر الأخبار : إذا سلّم عليك الرجل (١) ، فاشترط في الردّ أن يكون سلّم عليه.
نعم ؛ ربّما يظهر من العلّة المذكورة في الرواية الأخيرة جواز البدأة (٢) ، لكنّها ضعيفة السند والدلالة جميعا ، حيث اشترط تسليم المسلّم في العلّة المذكورة ، فتأمّل جدّا!
وعلى فرض صحّة السند وقوّة الدلالة تكون شاذّة ، لا يكون حجّة ، بل يجب ترك العمل بها ، فما ظنّك بها مع ضعفهما؟
فروع :
الأوّل : وجوب التكلّم في أثناء الصلاة لا يصير منشأ لصحّتها وعدم فسادها ، بمقتضى النصوص والفتاوى ، لأنّه تكلّم عمدا ، ولما عرفت في الحاشية السابقة (٣) ، فإجابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تبطل الصلاة خلافا للشافعي (٤).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٧ / ٢٦٧ الباب ١٦ من أبواب قواطع الصلاة.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤١ الحديث ١٠٦٦ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٦٩ الحديث ٩٣٠٧.
(٣) راجع! الصفحة : ١٩ من هذا الكتاب.
(٤) المغني لابن قدامة : ١ / ٣٩٢ ، المجموع للنووي : ٤ / ٨١ ، انظر! تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٧٦ المسألة ٣١٩.