وأين هذا من حبّ إطاعة الله وعبادته ، والشوق إليها ، والالتذاذ بها ، والميل إليها؟!
مضافا إلى ما يصدر منه من المكروهات الشديدة ، والمحرّمات غير العديدة ، مثل قطع الصلاة مكرّرا ، وإبطالها كثيرا من جهة وسواسه ، أو تأخيرها عن أوقاتها ، وترك واجبات كثيرة عليه عند ذلك ، بل وفعل محرّمات ، كضرب رأسه وغيره في غاية الشدّة ، إلى أن تصير مؤوفة ، وربّما يصدر منه أفعال ركيكة مضحكة ، بل وكلمات منكرة ربّما تكون كفرا أو قريبة إليه ، إلى غير ذلك.
فمع جميع ذلك ، كيف جوّزوا عليهمالسلام في الأخبار الأخيرة الالتفات إليه بتخفيف الصلاة؟ أو العدّ بالحصى وغيره ، ممّا يحفظها به.
ولا يحضرني الآن أنّ أحدا تعرّض لرفع المنافاة وكيفيّته ، ولا يجوز أن يقال إنّهم أعرضوا عن هذه الأخبار بالمرّة ، وطرحوا بمعارضتها للسابقة.
لأنّا نراهم اعتبروها في كتب أحاديثهم ، بل وفي كتب فتاواهم أيضا ، حيث جعلوا عدّ الركعات بالحصى وأمثاله داخلا في غير الفعل الكثير (١) ، وجعلوه ممّا ورد من الشارع جواز العمل به في أثناء الصلاة.
مضافا إلى اعتبار سند أكثرها ، وكونه حجّة عندهم مضافا إلى موافقتها للأصل والقاعدة ، من وجوب الإتيان بالمأمور به على وجهه ، ووجوب تحصيل الإطاعة والامتثال من دون ارتكاب مشقّة وعسر وإشكال.
فإنّ تخفيف الصلاة في غاية السهولة والخفّة ، وترك المستحب لتحصيل الامتثال بالواجب ، والخروج عن عهدة التكليف به ممّا لا غبار عليه.
وكذلك الحال في العدّ بالحصى ، لما عرفت من عدم دخوله في الفعل الكثير
__________________
(١) منتهى المطلب : ٥ / ٢٩٥ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٨ ، ذخيرة المعاد : ٣٥٥.