وظاهر أنّ مراده من التواتر التوالي ، فإنّ فيها نوع توال ، فتأمّل جدّا!
وكيف كان ، لا يثبت من الرواية خلاف ما اختاره الأكثر ، ممّا هو الموافق للقاعدة الثابتة المسلّمة ، كما عرفت.
قوله : (أتى بالتحكّم). إلى آخره.
حاشاهم ثمّ حاشاهم عن ذلك ، إذ فتواهم ليس إلّا من مستند شرعي عندهم يقينا بلا شبهة.
وعدم اطّلاعنا عليه لا يصير منشأ لأن نقول : انّهم أتوا بالتحكّم والزور ، ومن البديهيّات أنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود ، سيّما مع أنّ القطع بأنّ فقيها من فقهائنا لا يقول بحكم شرعي من غير استناد إلى الشرع أصلا ، سيّما في العبادات التوقيفيّة ، وخصوصا مع تحريمهم العمل بالقياس والرأي والاستحسان ، وكون ذلك من ضروريّات مذهبنا.
والفقهاء هم المصرّون على التحريم ، المصرّحون به ، المستدلّون عليه ، المشنّعون على مخالفهم فيه غاية التشنيع.
على أنّا أشرنا إلى ما يصلح لكونه مستندا لهم ، فإنّ الكثرة العرفيّة ليست أمرا معيّنا مشخّصا ظاهرا على كلّ مكلّف ، لكونها مقولة بالتشكيك ، فيحتاج تعيين ابتداء حدّها إلى اجتهاد شديد ، ربّما يكون أشد من كثير من الاجتهادات.
مع أنّ الاجتهاد غير منحصر في نفس الأحكام الشرعيّة ، بل يتحقّق في موضوعاتها ، ويحتاج إليه كاحتياج نفسها.
ولذا نرى فقهاءنا قد أكثروا غاية الإكثار في كتبهم الفقهيّة والاستدلاليّة في الاجتهاد في الموضوعات.
وأيضا قد أكثروا من التمسّك بالعرف في تعيين معنى وتشخّصه على