خصومهم ، بأنّه عرفا كذا ، فلم يقول كذا؟ فظهر أنّ في الموضوعات العرفيّة أيضا يتحقّق النزاع والمخاصمة ، والالتباس المقتضي للتشخيص.
بل القطع حاصل بأنّ معرفة ابتداء حدّ الكثرة العرفيّة في السهو ، بأن يقال كثر سهوه الآن لا قبل الآن ، ويعدّ كثير السهو عرفا حقيقة من دون قرينة ليست أمرا سهلا يتيسر لكلّ أحد ، بل يتيسّر لكلّ فقيه ، فما ظنّك بغيره؟
بل معرفة حدّ خصوص الدرجة الثانية الواقعة بعد الدرجة الاولى منها لا يخلو عن صعوبة ، بل وصعب أيضا ، فما ظنّك بالدرجة الاولى؟ وأوّل الحدّ وابتداؤه بحيث يكون أنقص منه غير داخل في كثير السهو العرفي البتّة.
فعلى تقدير أن يكون هؤلاء الأعلام أخطؤوا في اجتهادهم في تعيينهم الدرجة الاولى عرفا ، أو بالنسبة إلى الصحيحة المذكورة (١) أيضا ، لا يستأهلون لأن ينسبوا إلى التحكّم والزور ، لأنّ الخطأ غير مأمون على الظنون الاجتهاديّة ، والشيعة قاطبة من المخطّئة يعترفون بجواز خطئهم ، بل لا يسلمون عنه قطعا ، لأنّ حكم الله عندهم واحد ، ولا يكاد تتحقّق مسألة فقهيّة بغير خلاف ، بل بغير خلافات ، بل جلّ ما صدر من المصنّف ممّا خالف الفقهاء ، أو خالف المعظم أبعد ثمّ أبعد ممّا ذكر هؤلاء الأعلام في تعيينهم أوّل حدّ كثير السهو العرفي ، أو المعروف من الصحيح المذكور ، كما لا يخفى على من لاحظ شرحنا هذا لا أقلّ.
قوله : (ولو كثر). إلى آخره.
قد عرفت الحال فيه ، وأنّ الأقوى كونه كثير الشكّ مطلقا أو بحكمه.
ثمّ اعلم! أنّه على القول بأنّ حدّ كثرة السهو في المقام هو الثلاث المذكورة
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٤ الحديث ٩٩٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٩ الحديث ١٠٥٠١.