وعلّل المحقّق والعلّامة في «التذكرة» ذلك ، بأنّه لو تداركه أمكن أن يسهو ثانيا ، فلا ينفكّ عن التدارك وهو حرج ، فيكون منفيّا ، ولأنّه شرع لإزالة حكم السهو ، فلا يكون سببا لزيادته (١).
أقول : لو تمّ التعليلان لكان الحكم في قوله عليهالسلام : «ولا على الإعادة إعادة» كذلك ، بأنّه لو أعادها من جهة وجوبها عليه ، وصار في الإعادة ما صار على الأصل من موجبها ، لم يكن عليه إعادة ثانية ، ولم أجدهم أفتوا بذلك.
ومرّ بطلان دخول ذلك في حدّ كثرة السهو (٢).
فظهر أنّ التعليل المذكور نكتة بعد الوقوع لا علّة واقعيّة ، وإن استدلّا بها للمطلب ، لأنّهما كثيرا ما يفعلان كذلك.
ويحتمل أن يكون الكليني رحمهالله أفتى بعدم وجوب الإعادة ، لأنّ دأبه الفتوى بمضمون ما رواه ، سيّما إذا لم يرو ما يخالفه.
ويحتمل أن يكون الشيخ أيضا كذلك (٣) ، إلّا أنّه في نهايته ما أفتى كذلك (٤) ، بل لعلّه في غيره من كتب فتاويه أيضا ما أفتى (٥).
على أنّه لو كان في وجوب الإعادة للإعادة حرج لا جرم لم يكن ذلك في الدين للعموم ، فلو انجرّت الإعادة للإعادة إلى الحرج ، فلا شكّ ولا شبهة على أحد عدم الوجوب حينئذ.
ويمكن تأويله بما إذا انجرّت إلى الحرج ، أو أنّه إذا صدر منه في الإعادة أيضا
__________________
(١) المعتبر : ٢ / ٣٩٤ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٣٢٢ المسألة ٣٤٨.
(٢) راجع! الصفحة : ٢٧٦ و ٢٧٧ من هذا الكتاب.
(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٤ الحديث ١٤٢٨ ، ٣ / ٥٤ الحديث ١٨٧.
(٤) النهاية للشيخ الطوسي : ٩٣.
(٥) المبسوط : ١ / ١٢٢.