ما أوجب الإعادة ظهر حينئذ كونه ممّن كثر سهوه ، لأنّ الغالب الشائع بين المكلّفين عدم صدور مثل هذا إلا ممّن كثر سهوه.
فهذا أمارة كونه كثير السهو ، لا أنّه بمجرّد المرّتين يتحقّق الكثرة ، فتأمّل جدّا!
ثمّ اعلم! أنّه ذكر المتأخّرون (١) أنّ لفظ السهو الوارد في الخبرين يمكن أن يراد في كلّ واحد من الموضعين معناه المتعارف عند الفقهاء ، أو الشكّ ، أو في أحدهما الأوّل ، وفي الثاني الثاني ، فيحصل من ذلك أربع احتمالات :
الأوّل : أن يستعمل كلّ منهما في معناه المتعارف ، وحينئذ لا بدّ من تقدير مجاز للسهو الثاني بأن يكون المراد موجب السهو ـ بفتح الجيم ـ من قبيل تسمية المسبّب باسم السبب ، فيكون المعنى لا حكم للسهو في موجب السهو.
وذلك بأن يسهو في سجدتي السهو عن ذكر ، أو طمأنينة ، أو غيرهما ، ممّا يوجب السجود في الصلاة ، فإنّه لا يوجب هاهنا ، فلو سها في سجدتي السهو عمّا يوجب القضاء ، فالظاهر على هذا الاحتمال سقوطه عنه.
الثاني : أن يسهو في شكّ ، يعني في موجب الشكّ ، بأن يسهو في صلاة الاحتياط عمّا يوجب سجود السهو في الفريضة.
ولو كان السهو عنه ممّا يتدارك في محلّه ، فلا بدّ من تداركه ، ولا سجود أيضا عن الزيادة في ذلك الاحتياط إن كانت.
ولو كان ممّا يتدارك بعد الفراغ كالسجدة الواحدة والتشهّد فعله ، ولا سجدة له كما ذكره الشهيد الثاني (٢) ، فجعل المراد نفي خصوص سجدة السهو لا مطلق
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١ / ٢٩٦ و ٢٩٧ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٢٦٨ ، ذخيرة المعاد : ٣٦٩.
(٢) روض الجنان : ٣٤١ و ٣٤٢.