إذ لا يبعد حمل السهو على ما يتناول الشكّ ، لكونه سببا فيه ، ولأنّ الظاهر أنّ المراد بالسهو المتعلّق بالإمام والمأموم هو الشكّ ، والمتبادر من نفي حكم الشكّ فيما أوجبه الشكّ عدم وجوب تداركه ، كما ذكره في «المعتبر» (١) (٢) ، انتهى.
أقول : إن كان مراده من الأصل أصالة البراءة كما هو الظاهر ، فمع اعتبار أصالة العدم كيف يبقى ذلك الأصل؟ لأنّ شغل الذمّة اليقيني السابق مستصحب ، ولوجوب الامتثال العرفي والأصل عدمه ، وبقاء اليقين بشغل الذمّة.
مع أنّ الأصل براءة الذمّة فيما لا يكون له مقتض للتكليف به ، وإن أراد القاعدة الشرعيّة ، فإنّما هي في الشك في الشيء ، وقد تجاوز عن محلّه.
وقوله : لكونه سببا. إلى آخره ، أي لعلاقة السببيّة والقرينة ، وهي كون المراد بالسهو المتعلّق بالإمام والمأموم الشكّ مع السياق.
ولعلّ مراده رحمهالله الجمع بين المعنى الحقيقي والمجازي ، أو عموم المجاز ، بناء على أنّه إذا تعذّرت الحقيقة فعلى أقرب المجازات.
فيكون المراد من السهو الزوال عن الخاطر أعم من أن يكون متردّدا أو لم يجيء بباله أصلا ، أو جاء بعد ما ذهب عنه.
وهذا أقرب إلى السهو الحقيقي من خصوص الشكّ الذي دلّ القرينة على كونها المراد في عدم سهو الإمام والمأموم ، والسياق لا يقتضي التعيين في المقام أيضا.
أقول : معنى «السهو» لغة وعرفا : هو الزوال عن الخاطر.
ألا ترى أنّه إذا قيل : سها زيد عن كذا ، لا يتبادر إلى الذهن إلّا ذلك.
__________________
(١) المعتبر : ٢ / ٣٩٥.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٦٩.