ابن الجنيد في حرمة القياس في الأحكام (١) ، وقوله بأنّ جميع النجاسات يعفى عن أقلّ الدرهم منها (٢) ، وطهارة الميتة بالدباغ (٣) ، إلى غير ذلك ، وقول الصدوق بالعدد دون الرؤية (٤) ، وغير ذلك ، فما ظنّك بالإجماع؟
وأمّا إجماع أهل السنّة فهو اتّفاق أهل عصر واحد ، لا جميع أهل الأعصار بالبديهة ، فوجود الخلاف لا يمنع من الإجماع ، بالإجماع من جميع فقهاء الشيعة ، وجميع أهل السنّة.
والقول بأنّ الإجماع لو كان لم يخف على الفقيه ولم يخالفه أظهر فسادا ، لما عرفت من تحقّق المخالفة في ضروريّات المذهب كثيرا ، والظاهر أنّه لم يكن عند المخالف من الضروريّات ، وإن صار بعده وعند غيره من الضروريّات.
مع أنّه لو تمّ ذلك لزم استحالة تحقّق الإجماع المنقول بخبر الواحد ، لاستلزامه اطّلاع جميع الفقهاء على تحقّق ذلك الإجماع ، وهذا بديهي الفساد مخالف لوفاق الكلّ ، مع أنّ الإجماع المنقول بخبر الواحد حجّة ، كما حقّق في محلّه ، وسلّم عند المحقّقين.
ودلّ على حجيّة ما دلّ على حجيّة خبر الواحد (٥) ، ولم يشترط أحد في الإجماع المنقول بخبر الواحد اتّفاق جميع فقهائنا على الفتوى بمضمونه والعمل به ، وأنّه لا يظهر خلاف في الفتوى به والعمل عليه ، بل لا يكاد يوجد إجماع منقول بخبر الواحد هكذا حاله ، فضلا أن يكون شرطا فيه.
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٨٨ الرقم ١٠٤٧ ، الفهرست للشيخ الطوسي : ١٣٤ الرقم ٥٩٠.
(٢) مختلف الشيعة : ١ / ٤٧٥.
(٣) مختلف الشيعة : ١ / ٥٠١.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٠ و ١١١ ذيل الحديث ٤٧٤.
(٥) معالم الدين في الاصول : ١٨٠.