على أنّه يظهر ممّا سنذكر عن المجيبين في جوابهم عن الأخبار ، عدم تأمّل أصلا في رجحان تقديم الفائتة ، ولذا استدلّ هؤلاء بالاحتياط أيضا ، وهو الأخذ بالثقة ، فمع احتمال وجوب تقديم الحاضرة ، كما هو الظاهر من كلام الصدوقين ، كيف يبقى معنى للاحتياط المذكور؟
فظهر سقوط كلامهما عن درجة الاعتبار عند المجيبين أيضا ، بل بالتأمّل فيما ذكرناه أيضا يتّضح ذلك أيضا.
وفي «الذخيرة» ادّعى الإجماع على جواز فعل الفائتة في وقت الحاضرة ما لم تتضيّق (١) ، فلا يظهر من كلامهما ضرر أصلا في دعوى الإجماع المذكور ، ولا يمكن منعه بالاستناد إلى قولهما.
وأمّا مخالفة المتأخّرين ؛ فضررها أوّل الكلام ومحلّ البحث ، والمجيبون إنّما هم هؤلاء وكلامنا ليس إلّا معهم ، ولا يصحّ للمنازع أن يمنع الإجماع مستندا إلى نزاع نفسه.
وأجابوا عن الاحتياط بأنّه مستحب ، وفيه ؛ أنّ اشتغال الذمّة بفعل القضاء يقيني ، وفي صورة تقديم الفائتة تحصل البراءة اليقينيّة ، لما ستعرف ، بخلاف ما إذا قدّم الحاضرة.
وأجابوا عن الأخبار بالحمل على الاستحباب ، جمعا بينها وبين الأخبار السابقة.
وفيه ؛ أنّ الجمع بعد التكافؤ والتقاوم ، وهذه الأخبار أكثر عددا وأصحّ سندا ، من جهة كثرة عدد صحاحها ، وتعاضد هذه الصحاح بما هو مثل الصحاح.
مع أنّ أكثر صحاحها عن الباقر عليهالسلام ، وورد أنّه كان يفتي بمرّ الحقّ (٢).
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٢١٢.
(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٥ الحديث ٥٢٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٥ الحديث ١٠٤٣ ، وسائل الشيعة :