حتّى يغلب الوفاء : قال الشارح الفاضل : هذا إذا لم يمكنه تحصيل اليقين وإلّا وجب ، كما لو علم انحصار العدد المجهول بين حاضرين ، فإنّه يجب قضاء أكثر الأعداد المحتملة ، فلو قال : أعلم أنّي تركت صبحا ـ مثلا ـ في بعض الشهر ، وصلّيتها في عشرة أيّام ، فنهاية المتروك عشرون ، فيجب قضاء عشرين (١).
ثمّ قال صاحب «الذخيرة» : ولعلّ مراده بانحصار العدد المجهول بين حاضرين انحصاره في عدد معروف عرفا ، وإلّا فكلّ فرض يوجد يكون المتروك محصورا بين حاضرين (٢) ، انتهى.
أقول : المراد من الحاضر العدد الذي يعلم عدده لغة وعرفا وعقلا وعادة ، كما يعلم أيضا اشتماله للمحصور المجهول جزما.
ومن المعلوم أنّه لا يوجد مجهول كذلك إلّا وله حاضر ممّا ذكر بالبديهة ، غاية ما في الباب أنّه ربّما لا يمكن تحصيل ذلك الحاضر ، لكونه ممّا لا يطاق فلا يجب.
فإذا كان ممّا يمكنه تحصيله وجب تحصيلا للبراءة اليقينيّة ، لليقين باشتغال الذمّة ، لأنّ المكلّف عقيب كلّ فوت حصل له العلم بذلك الفوت ، فوجب عليه الإتيان بتلك الفائتة نصوصا وإجماعا ، وشغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة نصوصا وإجماعا واستصحابا ، كما هو الحال في غير المقام.
ومجرّد عروض النسيان في معرفة التفصيل لا يقتضي البراءة اليقينيّة ، ولا يرفع التكليف الذي ثبت على اليقين ، ولا يرفع وجوب الإطاعة والامتثال العرفي الثابت من الآيات والأخبار المتواترة والإجماع والعقل.
ومجرّد النسيان المذكور ليس إتيانا بالامتثال المذكور بالبديهة.
__________________
(١) روض الجنان : ٣٥٩.
(٢) ذخيرة المعاد : ٣٨٤.