ثمّ قال : وهو متّجه ، وقال : احتجّ الشيخ على اعتبار الظن بأنّ قضاء الفرائض واجب ، ولم يمكن التخلّص من ذلك إلّا بالاستكثار فيجب ذلك ، وبالأخبار الدالّة على ثبوت هذا الحكم في النوافل (١) ، فيكون في الفرائض أولى.
ثمّ قال : ويرد على الأوّل أنّ الواجب قضاء الفرائض التي تيقّن فواتها لا مطلقا ، وعلى الثاني أنّ ثبوت استحباب القضاء في النوافل لا يقتضي أولويّة ثبوت إيجاب القضاء في الفرائض ، لأنّ الحكم الاستحبابي أهون.
ولو كان مقصوده به الاستدلال على إيجاب القضاء بمقدار الظن والاكتفاء بذلك كما هو ظاهر العبارة ، يرد عليه أنّ الاكتفاء بذلك في النوافل لا يقتضي أولويّة ذلك في الفرائض ، لأنّ أمر الفريضة أشدّ (٢) ، انتهى.
أقول : قد ظهر لك ممّا قرّرنا أنّ ما ذكره العلّامة في «الإرشاد» (٣) صحيح تامّ لا غبار عليه أصلا ، لأنّ المكلّف حينما علم بالفوات صار مكلّفا بقضاء هذه الفائتة قطعا وإجماعا ، وكذلك الحال في الفائتة الثانية والثالثة وهكذا.
ومجرّد عروض النسيان بعد ذلك كيف يرفع الحكم الثابت من الإطلاقات والاستصحاب؟ بل الإجماع أيضا.
وأيّ شخص يمكنه التأمّل في أنّه إلى ما قبل صدور النسيان كان مكلّفا مخاطبا بلا شبهة ، وأنّه بمجرّد النسيان لا يرتفع التكليف الثابت إجماعا ونصوصا ، وأنّه لا بدّ من الإتيان به والخروج عن عهدته متى ما أمكنه ، وأنّه إذا لم يمكنه في صورة تحقّق التكليف بما لا يطاق يكتفي بالقدر الممكن من ذلك التكليف على
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٤٥٣ الحديث ١٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٥٩ الحديث ١٥٧٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٨ الحديث ٧٧٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٧٥ الحديث ٤٥٥٣.
(٢) ذخيرة المعاد : ٣٨٤.
(٣) إرشاد الأذهان : ١ / ٢٧١.