حسب ما قرّر فتدبّر.
لا يقال : لعلّ إيراده على دليل الأصحاب بناء على إنكاره حجيّة الاستصحاب.
قلت : يتمسّك موضع الاستصحاب بالإطلاقات في موضع تحقّقها ، ومع ذلك مسلّم عنده أيضا اشتغال الذمّة اليقيني بأمر واقعي يستدعي البراءة اليقينيّة مهما أمكن ، وإن وقع الإجمال وتعدّد الاحتمال في ذلك الواقعي ، لوجوب الامتثال العرفي ، فإنّ المكلّف به الواقعي اليقيني بمجرّد وقوع الاحتمال لا يخرج عن كونه مكلّفا به عقلا وعرفا وشرعا ، بعد إمكان الخروج عن عهدته بارتكاب الاحتمالات المحصّل لليقين بالبراءة والخروج عن العهدة ، كما هو الحال في المسألة السابقة وغيرها ، لأنّ المقتضي موجود والمانع مفقود ، والأصل إنّما يكون حجّة في الموضع الذي لا يكون دليل على التكليف ولا مقتض للخروج عن عهدته ، كما حقّق في محلّه.
نعم ؛ في الصورة التي يحصل للمكلّف دفعة علم إجمالي باشتغال ذمّته بفوائت متعدّدة يعلم قطعا تعدّدها لكن لا يعلم مقدارها ، فإنّه حينئذ يمكن أن يقال : لا نسلّم تحقّق العلم بأزيد من القدر الذي تيقّنه ، إن كان مرّتين فذاك ، وإن كان ثلاثا فذاك ، وهكذا.
وهذا هو الذي ذكره في «شرح اللمعة» بقوله : وفيه وجه بالبناء على الأقلّ (١) واستضعفه.
ووجه استضعافه كونه خلاف فتوى الأصحاب والمشهور منهم.
ووجه فتواهم ما عرفته من الاستصحاب والامتثال العرفي وغيرهما من أنّ
__________________
(١) الروضة البهيّة : ١ / ٣٥٥.