فكلامه هذا ينادي بأعلى صوته بأنّ احتماله الاكتفاء بقضاء ما تيقّن فواته خاصّة ليس في الصورة التي أفتى المشهور بأنّه يقضي حتّى يغلب على ظنّه الوفاء ، لأنّه رحمهالله أيضا ادّعى القطع بانحصار حصول البراءة فيما أفتى به هو والشيخ وغيرهما من فقهائنا بأنّه يصلّي إلى أن يغلب في ظنّه الوفاء.
وظهر لك أيضا حال كلام الشيخ ، وباقي الفقهاء وافقوهما فيما ذكرا.
بل صريح كلامه رحمهالله في «التذكرة» أنّ الاحتمال المذكور في الصورة التي يتيسّر حصول الحاضر اليقيني ، كما يتيسّر حصول العلم بالأقلّ الذي هو القدر اليقيني لا أزيد منه ، فجعل الاحتمال المذكور في خصوص هذه الصورة وفي مقابل تحصيل الحاضر اليقيني الذي هو سهل ، وهو قضاء عشرين.
كما أنّ الاحتمال المذكور لم يكن إلّا قضاء العشرة خاصّة في المثال الذي ذكره فلا تغفل!
وينادي بما ذكرنا عبارة «الذكرى» حيث قال في المقام : لو فاته ما لم يحصه قضى حتّى يغلب على الظن الوفاء ، تحصيلا للبراءة ، فعلى هذا لو شكّ بين عشر صلوات وعشرين قضى العشرين ، إذ لا يحصل البراءة المقطوعة إلّا به مع إمكانها ، وللفاضل وجه بالبناء على الأقلّ ، لأنّه المتيقّن ، ولأنّ الظاهر أنّ المسلم لا يترك الصلاة (١) ، انتهى.
إذ صريحه في أنّ غلبة الظنّ إنّما تعتبر في الصورة التي تكون الفائتة قدرا لا يحصيها ، ولا يمكن تحصيل البراءة المقطوعة حينئذ ، وإلّا كان تحصيلها واجبا ، كما في الشكّ بين العشر والعشرين.
فكما أنّها من جهة عدم الإحصاء لا يمكن تحصيل القطع بالبراءة ، كذا لا
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ٢ / ٤٣٧.