إذ فيه ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنّا لم نجد أحدا تأمّل فيما ليس له صوت ، ولم يشر هو أيضا إلى تأمّل من أحد في ذلك.
بل عبارة «التذكرة» عند ذكر إجماع علمائنا ظاهرة غاية الظهور في عدم اشتراط الصوت والنحيب (١) ، مع أنّ النحيب والصوت لعلّهما خارجان عن حقيقة البكاء وماهيّته.
والظاهر أنّ نظره في ذلك إلى ما ذكره جدّه من الشكّ في كون المبطل للصلاة هل هو البكاء الممدود أو المقصور؟ والمقصور لغة خروج الدمع ، والممدود هو النحيب حين البكاء (٢) ، انتهى ملخّصا.
ولا يخفى أنّ ما ذكره خلاف العرف ، وهو مقدّم على اللغة ، وخلاف فتاوى الأصحاب ، فإنّ أحدا منهم لم يشر إلى التفرقة أصلا ، ولا إلى استشكال مطلقا ، ولو كان فرق واستشكال لكان اللازم عليهم التعرّض لهما ، سيّما في مقام دعوى الإجماع ، ومقام إظهار كون المسألة مجمعا عليها ، وقد عرفت حالهما ، وأيضا لم يشر نصّ بذلك ، وعرفت النصوص ، مع أنّه ما ذكره إنّما ذكره الجوهري في «الصحاح» ، واستشهد على ذلك بما لا دلالة عليه أصلا (٣).
بل يظهر من كتاب الألف منه وكتاب الياء أيضا عدم مجيء الممدودة بالنحو الذي ذكره (٤) ، فلاحظ وتأمّل!
وكذا اقتصر في «القاموس» على ذكر المقصور ، وكلامه صريح في عدم غيره (٥) ، فلاحظ!
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٨٦ المسألة ٣٢٦.
(٢) مسالك الأفهام : ١ / ٢٢٨.
(٣) الصحاح : ٦ / ٢٢٨٤.
(٤) الصحاح : ١ / ٣٧ ، ٦ / ٢٢٨٤.
(٥) القاموس المحيط : ٤ / ٣٠٦.