وبديهيّ أيضاً ، أنه لم يكن ليفوته ما لا يفوتنا من رأي ، ولا يخطئه ما لا يخطئنا من تدبير. ولقد برهنت سائر مراحله على أنه الرجل الحصيف الذي غالب مشاكله كلها ثم اختار لها أفضل الحلول في حربه وسلمه ومع مراحل جهاده ومعاهدات صلحه ، وفي عاصمة ملكه « الكوفة » وعاصمة امامته « المدينة ».
ترى ، أفكان من جنون هذه اللحظات في المدائن ، مجال للموت الذي يصنع الحياة؟ أم هو المجال الذي لا يصنع الا الموت في الموت أبدياً ، وهو ما يجب أن تربأ عنه النفوس الكريمة التي لا تموت الا لتحيي بعدها سنة أو تنقذ أمة.
فأين امكان الشهادة للحسن يا ترى؟ ..
ولقد يحز في النفس حتى ليضيق محب الحسن ذرعاً بما يترسمه في ذهنه من معالم الخطوب السود ، التي كانت تتدفق بطوفانها الرهيب على هذا الامام الممتحن في أحرج ساعاته وأدق لحظاته.
ربما كان للذهن قابلية التصور أو قابلية الهضم للحوادث التي ترجع الى مصادرها الاعتيادية في الناس ، من العداء الشخصي ، أو النزاع القبلي ، أو الخلاف النظري ـ كعداء معاوية للحسن ، أو خصومة بني أمية للهاشميين ، أو خلاف الخوارج على عليّ وأولاده (ع) ـ. أما الحوادث التي لا مرجع لها الا الطمع الدنيء فانه من آلم ما يتصوره الانسان من شذوذ الناس.
أفتظن ان من الممكن لشيعي يعتقد امامة الحسن كما يعتقد نبوة النبي ، ويعيش في نعمة الحسن كما يعيش في نعمة أبيه ، ثم تحدثه نفسه بالخيانة العظمى في أحرج اللحظات التي تمر بامامه وولي نعمته ، وأحوجها الى الاخلاص الصحيح من شيعته؟.
أجل ، انها للمؤامرة الدنيئة التي كانت من صميم الواقع الذي دار