حول الحسن عليهالسلام ، في ابان وجوده في المقصورة البيضاء بالمدائن!! ..
فانظر الى أيّ حد كان قد بلغ التفسخ الخلقي في الجيل الذي قدّر للحسن أن يتخذ منه أجناده الى جهاد عدوه.
قد يكون الفرد بذاته من ذوي الحسب ، وقد يكون على انفراده من ذوي السكينة ، ولكنه اذا انساح بضعفه المتأصل في نفسه مع العاصفة الطارئة ، واحتضنته الجماهير المتحمسة من حوله ، كان جديراً بان تغلب عليه روح الجماعة فلا يشعر الا بشعورها ، ولا يفكر الا بفكرها ، ولا يعمل الا بعملها ـ ويخالف ـ عندئذٍ ـ مشاعره الفطرية مخالفة لا تنفك في أكثر الاحيان عن الندم الجارح عند سكون العاصفة وتبدّل الاحوال.
وهكذا كان من السورة الجامحة في ضوضاء المدائن يومئذ ما أخضع لتياره حتى الشيعيّ الضعيف ، فنسي تشيعه ونسي عنعناته ، ونسي حتى المعنويات العربية الساذجة التي تتحلل من الدين على اختلاف نزعاته!! ..
فانه ان لم يكن امامك فولي نعمتك ، وان لم يكن ولي نعمتك فالكريم الجريح.
وهذا مثلٌ واحد ـ حفظه التاريخ ـ عن شيعيهم ، ظنك بخارجيهم وأمويهم وشكاكهم وأحمرهم؟.
ومثلٌ واحد حفظه التاريخ ، يدل على أمثال كثيرة نسيها التاريخ أو تناساها.
ووجه آخر :
هو ما أشار اليه الحسن نفسه في أجوبته لشيعته الذين نقموا عليه الصلح. قال : « ما أردت بمصالحتي معاوية الا أن ادفع عنكم القتل (١) ».
__________________
١ ـ الدينوري ( ص ٣٠٣ ).