وأثر عنه بهذا المعنى كلمات كثيرة.
وللتوفر على فهم هذه الحقيقة بشيء من التفصيل الذي يخرج بنا الى القناعة بما أجمله الامام بهذا القول ، نقول :
لم يكن النزاع بين الحسن ومعاوية في حقيقته ، نزاعاً بين شخصين يتسابقان الى عرش ، وانما كان صراعاً بين مبدأين يتنازعان البقاء والخلود. وكان معنى الانتصار في هذا النزاع ، خلود المبدأ الذي ينتصر له أحد الخصمين المتنازعين. وكذلك هي حرب المبادئ التي لا تسجل انتصاراتها من طريق السلاح ، ولكن من طريق الظفر بثبات العقيدة وخلود المبدأ. وربما ظفر المبدأ بالخلود ولكن تحت ظل اللواء المغلوب ظاهراً.
وانقسم المسلمون يومئذ ، على اختلاف رأيهم في المبدأين ، الى معسكرين يحمي كل منهما مبدأه ، ويتفادى له بكل ما أوتي من حول وقوة.
فكانت العلوية والاموية ، وكانت الكوفة والشام.
ونخلت الادوار الاستفزازية التي لعبها معاوية ، باسم الثأر لعثمان ، معسكر الشام من شيعة عليّ وأولاده عليهمالسلام. فكان لابد لهؤلاء أن ينضووا الى معسكرهم في الكوفة ، وفي البلاد التي ترجع بأمرها الى الكوفة ، غير مروعين ولا مطاردين.
واجتمع ـ على ذلك ـ في الكوفة والبصرة والمدائن والحجاز واليمن عامة القائلين بالتشيّع لأهل البيت عليهمالسلام.
وخلص الى عاصمة الامام في العراق من الامصار كلها ، الثقل الاكبر من أعلام المسلمين ، وبقايا السيوف من المهاجرين والانصار. فكانت كوفة علي على عهد الخلافة الهاشمية ، مباءة الاسلام ، والمركز الذي احتفظ بتراث الرسالة بأمانة وصبر وايمان.
وكان طبيعياً ان يستجيب لدعوة الحسن ، في زحفه للموقعة الفاصلة بين المبدأين ، عامة هذه النخبة المختارة المتبقية في الكوفة بعد وفاة أبيه عليه