بيانه قريباً ).
ولنفترض الآن أن شيئاً واحداً كان لا يزال تحت متناول الحسن في سبيل الاستمرار على الحرب ، أو في سبيل الامتناع على الصلح.
ذلك هو أن يصدر أوامره من حصاره في « المدائن » الى انصاره في « مسكن » بمباشرة الحرب ، تحت قيادة القائد الجديد « قيس بن سعد بن عبادة الانصاري » ، الرجل العظيم الذي نعرف من دراسة ميوله الشخصية ، أنه كان يؤثر الحرب حتى ولو صالح الامام (١). واذا كانت ثورة المشاكسين في المدائن ، قد حالت دون تكتيب هذا الجيش للقتال ، فما كانت لتحول دون ارسال الاوامر الى المخلصين الاوفياء في جيش مسكن بالحرب ، ان سراً وان علناً.
ومن المحتمل أن كثيراً من المغلوبين على أمرهم من مجاهدة المدائن المخلصين ، كانوا يستطيعون التسلل الى « مسكن » لانجاد القوات المحاربة هناك ، فيما لو وجدوا من جانب الحسن استعداداً لهذه الفكرة او تشجيعاً عليها.
ولعل من المحتمل ايضاً ان الامام نفسه كان يستطيع هو ايضاً وبعد تريث غير طويل ، ينتظر به خفوت الزوابع الدائرة حوله في المدائن ، أن يخفّ الى مسكن حيث النصر الحاسم ، أو الشهادة بكل معانيها الكريمة في اللّه وفي التاريخ.
فلماذا ينزل الى الصلح ، وله من هذا التدبير مندوحة عنه؟.
نقول :
ربما كان في مستطاع الحسن اصدار هذه الاوامر في لحظاته الاخيرة في المدائن ، وربما لم يكن.
__________________
١ ـ يراجع عن هذا ابن الاثير ( ج ٣ ص ١٦٢ ).