وعلى كل من التقديرين ، فما كل مندوحة لوحت بنجاح ، يجوز الاخذ بها ، ورب تدبير في ظرف هو نفسه مفتاح مآزق صعابٍ لظرفٍ آخر. وهذه هي القاعدة التي يجب الالتفات اليها عند الاخذ بأيّ اقتراح في أيّ من المآزق.
وهنا ايضاً ، فهل فكَّر مقترح هذا التدبير ، في المدة التي كان يمكن أن تستوعبها حرب أربعة آلاف ـ هم جيش الحسن في مسكن ـ لستين الفاً هم جيش معاوية أو ثمانية وستين الفاً؟ واستغفر اللّه ، بل حرب مجموعة من جيش تنازل مجموعة من جيش تزيدها خمسة واربعين ضعفاً! [ ارجع الى تحليل النسبة العددية بين الفريقين عسكر مسكن وعسكر الشام في الفصل ـ ١١ ـ ].
وهل فكَّر مقترح هذه المندوحة ، فيما عسى ان يكون موقف الحسن عند انتهاء اللحظات القصيرة من عمر هذه الحرب ، وعندما يتفانى المساعير من أنصاره في مسكن.
انه ولا شك الموقف الذي سيضطره ـ لو بقي حياً ـ الى التسليم بدون قيد ولا شرط.
وانه ولا شك الطالع الجديد الذي كان ينتظره معاوية للاجراءات الحاسمة بين الكوفة والشام ، الاجراءات التي لا تعدو الاحتلال العسكري المظفر بويلاته ونقماته التي لا حدَّ لفظاعتها في أهل البيت وشيعتهم ، وأخلق باحتلال كهذا أن يطوّح بكل أماني البلاد ، وبشعائرها الممتازة ، ومبادئها التي قامت على جماجم عشرات الالوف من صفوة الشهداء المجاهدين في اللّه.
ولا اخال أنّ أحداً يفطن الى هذه النتائج المحتمة ، ثم لا يحكم بفشل هذه المندوحة المنتقضة على نفسها ، وانّ من أبرز اخطائها انها تنقل الحسن ـ في أقصر زمان ـ من خصم مرهوب يملي الشروط على عدوه ، الى محارب مغلوبٍ لا مفرّ له من التسليم بدون قيد ولا شرط.
وهذا فيما لو انكشفت الحرب والحسن حيّ يحال بينه وبين