فحدّده بثمانية عشر يوماً.
ومن هناك حيث بلغ أعالي الفرات ، رفع صوته « بالعواء » الذي حاول أن يجعل منه زئيراً وجلجلة ، ليخيف الثغور الآمنة المطمئنة ، ولينبّه مرابض الاسود في كوفة الجند فيستدرجها الى النزال.
ونظر معاوية الى مصرع علي عليهالسلام ، كأحسن فرصة للاجراءات الحاسمة بين الكوفة والشام. وكان ذلك هو القرار الاخير الذي تم عليه الاتفاق بينه وبين مشاوريه ، الذين كانوا يتحلّقون حوله ليل نهار ، وينظمون معه حركة المعارضة للخلافة الهاشمية ، بحنكة تشبه الدهاء ، أمثال المغيرة بن شعبة ، وعمرو بن العاص ، ومروان بن الحكم ، والوليد بن عتبة ، ويزين بن الحر العبسي ، ومسلم بن عقبة ، والضحاك بن قيس الفهري.
ونجح معاوية في اختيار الظرف المناسب.
ونجح في خلق الشغب المزعج في كوفة الحسن ، بما أولاه من عناية بالغة بشراء الضمائر الرخيصة فيها ، وبما بثه من جواسيس يتأبطون في رواحهم الوان الاكاذيب ، ويتزوّدون في غدوّهم الاخبار والمعلومات ، عما يجدّ في الكوفة من تصاميم ، وعما يوجد لديها من امكانيات. وكان سلاح معاوية من هذا النوع ، أقوى من سلاحه بالرجال والحديد وأشدّ منهما مضاء وأبعد أثراً.
« واستنفر عشائره وجيوشه ، فكتب الى عماله على النواحي التابعة له ، بنسخة واحدة ، يقول فيها : « فاقبلوا اليَّ حين يأتيكم كتابي هذا بجدكم وجهدكم وحسن عدتكم (١) .. ».
ومضى الحسن عليهالسلام ـ بدوره ـ على تصميمه في الاستعداد
__________________
١ ـ ابن أبي الحديد ( ج ٤ ص ١٣ ).