أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ، أخبرني أبو الفتح عبد الرّزّاق بن محمد بن أبي شيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني بها ، نا جدي ، حدثني أحمد بن إبراهيم المضاجعي (١) ، نا محمد بن النّضر بن سلمة ، حدثني محمد بن عبد الوهاب أبو أحمد النيسابوري ، أنا علي بن خشنام قال : كان للحجاج قاض بالكوفة من أهل الشام يقال له أبو حمير. فحضرت الجمعة فمضى يريدها فلقيه رجل من أهل العراق فقال : أبا حمير : أين تذهب؟ قال : إلى الجمعة. قال : أما بلغك أن الأمير قد أخّر الجمعة اليوم؟ فانصرف راجعا إلى بيته ، فلما كان من الغد قال له الحجاج : أين كنت يا أبا حمير لم تحضر معنا الجمعة؟ قال : لقيني بعض أهل العراق فأخبرني أن الأمير أخّر الجمعة فانصرفت. قال : فضحك الحجاج. وقال : أبا حمير ، أما علمت أن الجمعة لا تؤخر.
وهذه الحكاية إن صحت تدل على بطلان ما يدّعى على معاوية من ذلك ، لأنه لو كان قد تقدم ذلك من معاوية لما خفي على أبي حمير حتى كان يقول للحجاج فقد فعل مثل هذا معاوية ، ولا على الحجاج حتى يقول لأبي حمير هذا كما قال معاوية لأهل الشام. والله يعيذنا من إشاعة الكذب في سلف الأمة ، ويمنّ علينا بالثبات على الحق فيما يحكيه ، وهو ولي العصمة.
وإنما يتم من الأمر ما هذا سبيله على من اشتهر منه تغفيله.
كما أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن علي بن المزرفي ، نا أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله ، أنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن القاسم بن جامع الدهّان ، نا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري قال : سألت أبا عمر (٢) هلالا يعني ابن العلاء عن أبي بكر بن بدر قال : ذكروا أنه خرج يوم خميس قد لبس ثيابه يريد الجمعة ، فمرّ بميمون بن مهران فقال له : أين تريد؟ قال الجمعة فقال له ميمون : قد أخّروها إلى غد فرجع إلى أهله. فقال لهم : قال لي ميمون بن مهران أنهم قد أخّروا الجمعة إلى غد.
فأما من كان (٣) في عصر معاوية من الصحابة والتابعين فلا يجوز أن يلحق بهم ما
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي خع «الصائفي» وفي المطبوعة : «المصاحفي».
(٢) في مختصر ابن منظور ١ / ١٣٩ «أبا عمرو» تحريف ، وانظر تقريب التهذيب.
(٣) عن خع ، وبالأصل «من كلف» وفي مختصر ابن منظور : «ما كان».