المهرب. فلما وجدت خيلهم مذهبا ذهبت وتركتهم رجلهم في مصافهم ، وخرجت خيلهم تشتد بهم في الصحراء ، وأخروا (١) أناس الصلاة حتى صلّوا بعد الفتح. ولما رأى المسلمون خيل الروم قد توجهت للهرب ، أفرجوا لها (٢) ، ولم يحرّجوها. فذهبت فتفرقت في البلاد ، وأقبل خالد والمسلمون على الرّجل ففضوهم (٣) فكأنما هدم بهم حائطا ، فاقتحموا في خنادقهم ، واقتحمه عليهم فعمدوا إلى الواقوصة ، حتى هووا فيها ، المقترنون وغيرهم ، فمن صبر للقتال من المقترنين هو أنه من خشعت نفسه ، فيهوي الواحد بالعشرة لا يطيقونه ، وكلما هوى اثنان كان البقية عنهم أضعف. وكان المقترنون أعشارا ، فتهافت في الواقوصة عشرون ألفا ومائة ألف ، ثلاثون (٤) ألفا مقترن وأربعون ألفا مطلق ، سوى من قتل في المعركة من الخيل والرجل ؛ فكان منهم الفارس يومئذ ألف وخمسمائة ، وتجلّل الفيقار وأشراف من أشراف الروم برانسهم ، وجلسوا وقالوا : لا نحب أن نرى يوم السوء إذ لم نستطع أن نرى يوم السرور ؛ وإذ لم نستطع أن نمنع النصرانية ؛ فأصيبوا في تزملهم.
أخبرنا أبو القاسم أنا أبو الحسين ، أنا أبو طاهر ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف ، عن مبشّر (٥) وسهيل وأبي عثمان ، عن خالد وعبادة وأبي حارثة قالوا (٦) : وأوعب القواد بالناس نحو الشام وعكرمة ردء للناس ، وبلغ الروم ذلك ، فكتبوا إلى هرقل ، وخرج هرقل حتى ينزل بحمص. فأعد لهم الجنود ، وعبّى لهم [العساكر](٧) وأراد تفريقهم وشغل بعضهم عن بعض لكثرة جنده ، وفضول رجاله فأرسل إلى عمر وأخاه تذارق (٨) لأبيه وأمّه ، فخرج نحوهم في تسعين ألفا ، وبعث من يسوقهم ، حتى نزل لصاحب الساقة بثنية جلّق بأعلا فلسطين ، وبعث جرجة بن توذرا نحو يزيد بن أبي سفيان فعسكروا بإزائه وبعث
__________________
(١) كذا.
(٢) بالأصل «بها» والمثبت عن الطبري.
(٣) عن الطبري ، وبالأصل «بعضهم».
(٤) في الطبري : ثمانون.
(٥) عن خع الطبري ٣ / ٣٩٢ وبالأصل «ميسر» وفي الطبري : «سهل» بدل «سهيل».
(٦) الخبر في الطبري ٣ / ٣٩٢ وبالأصل «وأوعت» والمثبت عن الطبري.
(٧) الزيادة عن خع والطبري.
(٨) عن الطبري ، وبالأصل وخع : بدارف.