قال نا سيف عن المطرح عن القاسم عن أبي أمامة وأبي عثمان ، عن يزيد بن سنان ، عن رجال من أهل الشام من أشياخهم قالوا (١) : لما كان اليوم الذي تأمّر فيه خالد ، هزم الله عزوجل الروم مع الليل ، وصعد المسلمون العقبة ، وأصابوا ما في العسكر ، وقتل الله عزوجل صناديدهم ورءوسهم وفرسانهم ، وقتل الله عزوجل أخا هرقل ، وأخذ التّذارق ، وانتهت الهزيمة إلى هرقل وهو دون مدينة حمص ، وارتحل فجعل حمص بينه وبينهم ، وأمّر عليها أميرا ، وخلّفه (٢) فيها ، كما كان أمّر على دمشق وخلف فيها وارتحل ، وأتبع المسلمون الروم حتى هزموهم خيولا يثفنونهم (٣). ولما صار الأمر إلى أبي عبيدة بعد الهزيمة نادى بالرحيل. وارتحل المسلمون بزحفهم حتى وضعوا عسكرهم بمرج الصفّرين.
قال أبو أمامة : فبعثت (٤) طليعة من مرج الصّفّرين مع فارسين فسرت حتى دخلت. فجستها (٥) بين أبياتها وشجراتها ، فقال أحد صاحبيّ : قد بلغت حيث أمرت فانصرف لا تهلكنا. فقلت : قف مكانك حتى تصلح أولئك ، فسرت حتى دفعت إلى باب المدينة ، وليس في الأرض أحد ظاهر ، فزغت لجام فرسي وعلّقت عليه مخلاته ، وركزت رمحي ثم وضعت رأسي فلم أشعر إلّا بالمفتاح تحرك عند الباب ليفتح ، فقمت فصلّيت الغداة ، ثم ركبت فرسي ، فحملت عليه ، فطعنت البوّاب فقتلته وتصالحوا في المدينة ودخلت فلقيت رجلا فقتلته ثم لقيت آخر فطعنته فقتلته ثم انكفأت راجعا ، وخرجوا يطلبونني فجعلوا يكفّون (٦) عني مخافة أن يكون لنا كمين ، فدفعت إلى صاحبي الأدنى الذي أمرته أن يقف ، فلما رأوه قالوا : هذا كمين انتهيا إلى كمينه ، فانصرفوا وسرت أنا وصاحبي حتى دفعنا إلى صاحبي الثاني ، فسرنا حتى انتهينا إلى المسلمين ؛ وقد عزم أبو عبيدة أن لا يبرح حتى يأتيه رأي عمر وأمره. فأتاه فرحلوا حتى نزلوا دمشق وخلّف باليرموك بشير (٧) بن كعب بن أبي الحميري في خيل.
__________________
(١) عن الطبري ٣ / ٤٠٣ وبالأصل «قال».
(٢) عن الطبري وبالأصل : وخلق.
(٣) يثفنونهم أي يطردونهم.
(٤) عن الطبري وبالأصل : فبعث.
(٥) عن الطبري وبالأصل : فحبستها.
(٦) عن الطبري وبالأصل : يلفون.
(٧) عن ابن حبيش والطبري وبالأصل «بشر».