محمّد بن عبد الباقي القرشي ، حدثني أبي ، حدثني مروان بن عبد الملك بن عبد الله بن عبد الملك بن مروان قال : لما (١) أراد الوليد بن عبد الملك بناء مسجد دمشق احتاج إلى صنّاع كثير (٢).
فكتب إلى الطاغية : أن وجّه إليّ بمائتي صانع من صنّاع الروم ، فإني أريد أن أبني مسجدا (٣) لم يبن من مضى (٤) قبلي (٥) ولا يكون بعدي مثله. فإن أنت لم تفعل غزوتك بالجيوش ، وخربت الكنائس في بلدي ، وكنيسة بيت المقدس ، وكنيسة الرّها ، وسائر آثار الروم [في بلدي](٦).
فأراد الطاغية أن يفضّه عن بنائه ويضعف عزمه ، فكتب إليه :
«والله لئن كان أبوك فهّمها فأغفل عنها ، إنها لوصمة عليه. ولئن كنت فهّمتها وغيّبت عن أبيك ، إنها لوصمة عليك. وأنا موجّه ما سألت».
فأراد أن يعمل له جوابا ، فجلس له عقلاء الرجال في حظيرة المسجد يفكرون (٧) في ذلك فدخل عليهم الفرزدق فقال : ما بال الناس ، أراهم مجتمعين حلقا حلقا؟ فقيل له : السبب كيت وكيت. فقال : أنا أجيبه من كتاب الله تبارك وتعالى. قال الله تعالى : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ، وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) (٨) فسرّي عنهم (٩).
رواه أبو شبيب محمد بن أحمد المعلّى ، عن أبيه فقال : همام بن أحمد.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أبي نعيم النّسوي ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا عيسى أبو علي محمّد بن القاسم بن
__________________
(١) الخبر في مختصر ابن منظور ١ / ٢٦٣ والبداية والنهاية ٩ / ١٤٦.
(٢) كذا بالأصل وخع والمختصر ، وفي المطبوعة ٢ / ٢٦ : كثيرة.
(٣) بالأصل : مسجد.
(٤) في المطبوعة : في مصر.
(٥) بالأصل «قبل» والمثبت عن خع والمختصر.
(٦) زيادة عن المختصر.
(٧) بالأصل وخع «فيكرون» والمثبت عن المختصر.
(٨) سورة الأنبياء ، الآية : ٧٨.
(٩) في المطبوعة : عنه.