وقال محمد بن أبي طيفور : ويقال إن المأمون نظر يوما [من بناء كان فيه](١) إلى أشجار الغوطة وبنائها فحلف بالله أنها خير مغنا على وجه الأرض فقال بعض المؤلفين لحسن الكلام :
نظر المأمون يوما |
|
من دمشق من أباني |
في رياض مونقات |
|
بين أشجار حسان |
فمشى شوقا إليها |
|
ضاحكا بين غواني |
ثم آلى بيمين |
|
إنّها خير المغاني |
فرشت بالنور فرشا |
|
تحت ظلّ وسواني |
اخضر رفّ رفيفا |
|
جاره أحمر قاني |
قال محمد بن أبي طيفور : ويقال : إن المأمون قال يوما : عجبت لمن سكن غيرها كيف ينعم مع هذا المنظر الأنيق الذي ليس (٢) يخلق مثله ، فقال في ذلك بعض مؤلفي الكلام الحسن :
ليس في الدنيا نعيم |
|
غير سكنى في دمشق |
تنظر (٣) العينان منها |
|
منظرا ليس لخلق |
جنة يفجر منها |
|
ماء عين ذات دفق |
قال محمد بن أبي طيفور : وبلغني أن المأمون كان بدمشق في طارمة (٤) له والثلج يسقط عليه ، فأصحر (٥) يده للثلج ساعة التذاذا به.
قال محمد بن أبي طيفور : حدثني يحيى بن أكثم القاضي قال : كنت بدمشق مع المأمون وحضرت طعامه فقدّم إليه طعام كثير من الفراريج. فجعل المأمون يأكل من تلك الفراريج ويتمطّق (٦) ويتلمظ ويتبسم. وأنا لا أدري ما مقصده بتلمّظه. فلما
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من المطبوعة.
(٢) إلى هنا ينتهي النقص من نسخة خع.
(٣) في خع : تبصر العينان.
(٤) الطارمة بيت من خشب كالقبة ، وهو دخيل أعجمي معرّب (اللسان).
(٥) أي أخرجها.
(٦) التمطق : التذوق والتصويت باللسان والغار الأعلى (اللسان) ومثله التلمظ.