ألست ببغداد عاهدتني |
|
وكنت بها المترف المستبي |
فأبعدت عنها على غرّة |
|
ولم تدر بعدك ما حلّ بي |
فقلت أجل إنها جنّة |
|
وما ذمّها قطّ إلّا غبي |
ولكن دعاني إلى تركها |
|
محاسن تبهر بالنيرب |
وبالمزّة الجنة المستلذّ |
|
بها العيش والشرف المعجب |
وبالسهم ذي الثمر المشتهى |
|
لجانيه والمشمش الطيّب |
ترنّم من فوق أشجاره |
|
طيور بلحن لها مطرب |
فكم بلبل هاج بلبالنا |
|
وكم من هزار ومن أخطب (١) |
وكم معرب فيها عن شجى |
|
وكم من مغن ومن مغرب |
بصوت له مستلذ غدا |
|
بديع الترنّم مستعذب |
لأزهارها نشر مسك إذا |
|
نسيم بها هبّ أو زرنب (٢) |
وأنهار جلّق تجري إلى |
|
مساكنها عذبة المشرب |
تعين فتى جنّ من مذهب |
|
جنون المهوّس والمذهب (٣) |
وجامعها ما له مشبه |
|
بشرق البلاد ولا مغرب (٤) |
كمثل أهلها ليس مثل لهم |
|
لدى القسط فاطرب لهم واعجب |
إذا وصف المرء ما فيهم |
|
من الدين (٥) والخير لم يكذب |
فلا تطمعن (٦) في فراقي لهم |
|
فتلك (٧) طماعية الأشعب |
أنشدني أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن الحسين بن إسحاق بن النقّار الحميري (٨) الكاتب لنفسه :
__________________
(١) عن خع وبالأصل «أحظب» ، والأخطب : الشقراق ، فيه سواد وبياض.
(٢) الزرنب : شجر طيب الرائحة (قاموس).
(٣) المهوس : من أصابه الهوس ، وهو طرف من الجنون (قاموس).
والمذهب : الذي ذهب عقله.
(٤) في خع : ولا الغرب.
(٥) في خع : «من الذي».
(٦) في خع : تطعمن.
(٧) في خع : قبلك.
(٨) من شعراء دمشق وكتّابها ، مات سنة ٥٦٨ أو ٥٦٩.