سقى الله ما تحوي دمشق وحيّاها |
|
فما أطيب اللذات فيها وأهناها |
نزلنا بها فاستوقفتنا محاسن |
|
يحنّ إليها كلّ قلب ويهواها |
لبسنا بها عيشا رقيقا رداؤه |
|
ونلنا بها من صفوة اللهو أعلاها |
ولم يبق فيها للمسرّات بقعة |
|
يفرّح فيها القلب إلّا نزلناها |
وكم ليلة نادمت بدر تمامها |
|
تقضّت وما أبقت لنا غير ذكراها |
فآها على ذاك الزمان وطيبه |
|
وقلّ له من بعده قولتي آها (١) |
فيا صاحبي إمّا حملت تحيّة (٢) |
|
إلى دار أحباب لنا (٣) طاب مغناها |
وقل ذلك الوجد المبرّح ثابت |
|
وحرمة أيام الصّبا ما أضعناها |
فإن كانت الأيام أنست عهودنا |
|
فلسنا على طول المدى نتناساها |
سلام على تلك المحاسن إنّها |
|
محطّ صبابات النفوس ومثواها |
رعى الله أياما تقضّت بقربها |
|
فما كان أحلاها لدينا (٤) وأمراها |
وهذا باب لو استقصيته لطال ، وأكسب قارئه الملال ، وفي ذكر هذا القدر ، ما يدل منها على جلالة القدر ، وقد جمع الأمير أبو الفضل إسماعيل بن الأمير أبي العساكر سلطان بن علي بن منقذ الكناني في قصيدة له طوّلها ، محاسن دمشق التي ذكرها غيره من الشعراء فأجملها ، فأتى بها مستقصاة وفصّلها ، فشرّفها بما قال فيها وجمّلها.
أنشدنا الأمير [أبو الفضل](٥) لنفسه :
يا زائرا يزجي القروم (٦) البزّلا (٧) |
|
دع قصد بغداد وخلّ الموصلا |
لا نزجها لسوى دمشق فإنّه |
|
سيطيل حزّا من تعدّى المفصلا |
بلد جلا صدأ الخواطر فانثنت |
|
كالمرهفات البيض وافت صيقلا |
عوّضته عن موطني فوجدته |
|
أحلى وأعذب (٨) في الفؤاد وأجملا |
__________________
(١) في معجم البلدان «واها».
(٢) الأصل وخع وفي ياقوت : رسالة.
(٣) الأصل وخع وفي ياقوت : لها.
(٤) الأصل وخع ، وفي ياقوت : لديها.
(٥) الزيادة عن خع.
(٦) بالأصل وخع «القدوم» تحريف والصواب ما أثبت ، والقروم جمع قرم وهو البعير.
(٧) البزل جمع بازل وهي الناقة أو الجمل في تاسع سنيه (قاموس).
(٨) الأصل وخع ، وفي المطبوعة : وأطيب.