بكر بن يحيى بن النضر ، عن أبيه : أن أسامة بن زيد بعث بشيره من وادي القرى بسلامة المسلمين ، وأنهم قد أغاروا على العدو فأصابوهم ، فلما سمع المسلمون بقدومهم خرج أبو بكر في المهاجرين ، وخرج أهل المدينة حتى العواتق وسروا بسلامة أسامة ومن معه من المسلمين ودخل يومئذ على فرسه سبحة كأنما خرجت من ذي خشب عليه الدرع ، واللواء أمامه يحمله بريدة حتى انتهى به إلى المسجد ، فدخل فصلّى ركعتين وانصرف إلى بيته معه اللواء. وكان مخرجه من الجرف لهلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة ، فغاب خمسة وثلاثين يوما : سار عشرين في بدأته وخمسة عشر (١) في رجعته.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرّحمن الصابوني ، أنا أبو محمد عبد الرّحمن بن أحمد المقرئ ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف ، نا محمد بن علي الميموني ، نا الفريابي ، نا عبّاد بن كثير ، عن أبي الزّناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : والذي لا إله إلّا هو ، لو لا أن أبا بكر استخلف ما عبد الله ، ثم قال الثانية ، ثم قال الثالثة فقيل له : يا أبا هريرة. فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجّه أسامة بن زيد في سبع مائة إلى الشام ، فلما نزل بذي خشب قبض النبي صلىاللهعليهوسلم وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا له : يا أبا بكر ردّ هؤلاء. توجه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدّت العرب حول المدينة فقال : والذي لا إله إلّا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما رددت جيشا وجهه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا حللت لواء عقده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فوجه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلّا قالوا : لو لا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم ، فبلغوا الرّوم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام.
__________________
(١) بالأصل : «وخمس عشرة».