أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، أنا أبو الحسن الحمّامي ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا أبو محمد القطان ، نا إسماعيل العطار ، حدثني إسحاق بن بشر ، أنا أبو إسحاق ، عن الزّهري ، حدثني ابن كعب عن عبد الله بن أبي أوفى الخزاعي ، قال : لما أراد أبو بكر غزو الروم دعا عليا وعمر وعثمان وعبد الرّحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبا عبيدة بن الجرّاح ، ووجوه المهاجرين والأنصار من أهل بدر وغيرهم فدخلوا عليه. قال عبد الله بن أبي أوفى : وأنا فيهم فقال : إن الله عزوجل لا تحصى نعماؤه ولا يبلغ جزاءها الأعمال ، فله الحمد ، قد جمع الله كلمتكم وأصلح ذات بينكم وهداكم إلى الإسلام ونفا عنكم الشيطان ، فليس يطمع أن تشركوا به ولا تتخذوا إلها غيره. فالعرب اليوم بنو أمّ وأب ، وقد رأيت أني أستنفر المسلمين إلى جهاد الروم بالشام ليؤيد الله المسلمين ويجعل الله كلمته العليا مع أن للمسلمين في ذلك الحظ الوافر لأنه من هلك منهم هلك شهيدا ، وما عند الله خير للأبرار ، ومن عاش عاش مدافعا عن الدين مستوجبا على الله ثواب المجاهدين ، وهذا رأيي الذي رأيت فأشار امرؤ علي برأيه. فقام عمر بن الخطاب فقال : الحمد لله الذي يخص بالخير من يشاء من خلقه والله ما استبقنا إلى شيء من الخير قط إلّا سبقتنا إليه (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) (١) والله ذو الفضل العظيم قد والله أردت لقاءك بهذا الرأي الذي رأيت. فما قضي أن يكون حتى ذكرته [قبلي](٢) فقد أصبت أصاب الله بك سبيل (٣) الرشاد ، سرّب إليهم الخيل في إثر الخيل ، وابعث الرجال بعد الرجال والجنود تتبعها الجنود فإن الله ناصر دينه ومعز الإسلام وأهله.
ثم أن عبد الرّحمن بن عوف قام فقال : يا خليفة رسول الله إنها الروم وبنو الأصفر حدّ حديد وركن شديد ، ما أرى أن تقحم عليهم إقحاما. لكن تبعث الخيل فتغير في قواصي أرضهم ثم ترجع إليك. فإذا فعلوا ذلك بهم مرارا أضروا بهم وغنموا من أداني أرضهم فقووا بذلك عن عدوهم ، ثم تبعث إلى أراضي أهل اليمن وأقاصي ربيعة ومضر ، ثم تجمعهم جميعا إليك ثم إن شئت بعد ذلك غزوتهم بنفسك ، وإن
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٥٤.
(٢) زيادة عن المطبوعة.
(٣) في خع : سبل الرشاد.