الناس وخرجوا فعسكروا بالجرف ، ولم يبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأمر ، فلما صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الظهر جلس وجلس أصحابه حوله ، وجاء النعمان بن مهضّ (١) اليهودي ، فوقف على رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع الناس. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «زيد بن حارثة أمير الناس ، فإن قتل زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ، فإن أصيب عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم» فقال النعمان بن مهض (١) : أبا القاسم إن كنت نبيا فسميت من سميت قليلا أو كثيرا أصيبوا جميعا ، إن الأنبياء في بني إسرائيل إذا استعملوا الرجل على القوم ثم قالوا : إن أصيب فلان ، فلو سمى مائة أصيبوا جميعا. ثم جعل اليهودي يقول لزيد بن حارثة : اعهد فلا ترجع إلى محمد أبدا إن كان نبيا. فقال زيد : فأشهد أنه نبي صادق بارّ ، فلما أجمعوا المسير وقد عقد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لهم اللواء دعه إلى زيد بن حارثة ـ لواء أبيض ـ مشى الناس إلى أمراء رسول الله صلىاللهعليهوسلم يودعونهم ويدعون لهم وجعل المسلمون يودع بعضهم بعضا ، والمسلمون ثلاثة آلاف ، فلما ساروا من معسكرهم نادى المسلمون : دفع الله عنكم ، وردكم صالحين غانمين. قال ابن رواحة عند ذلك :
لكنني أسأل الرّحمن مغفرة |
|
وضربة ذات قرع (٢) تقذف الزبدا |
وهي أبيات أنشدنيها شعيب بن عبادة.
حدّثنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه الفرضي ـ لفظا ـ وأبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان ـ قراءة ـ قالا : أنا أبو القاسم بن أبي العلاء الفقيه ، أنا أبو محمد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا محمد بن عائذ ، أنا الوليد بن مسلم ، أخبرني أبو محمد عيسى بن موسى عن برد (٣) بن سنان ، عن مكحول : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث بعثا إلى الشام وأمّر عليهم زيد بن حارثة فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة وأجّلهم أجلا.
__________________
(١) كذا بالأصول ومختصر ابن منظور ١ / ١٥٢ ومغازي الواقدي ، وفي البداية والنهاية ٤ / ٢٤١ نقلا عن الواقدي : فنحص.
(٢) في الواقدي : ذات فرع ، أي ذات سعة ، والزبد : رغوة الدم.
(٣) عن خع وبالأصل : «براء».