قال : فكم دَينُك يا أبا يزيد ؟
قال : مائة ألف درهم .
فقال : لا والله ما هي عندي ولا أملكها ، ولكن اصبر حتّى يخرج عطائي فأواسيكه ، ولولا أنّه لابدّ للعيال من شيء لأعطيتُك كلّه .
فقال عقيل : بيت المال في يدك ، وأنت تسوّفني إلى عطاءك ؟
فقال : وما أنا وأنت فيه إلّا بمنزلة رجلٍ من المسلمين ، وكانا يتكلّمان فوق قصر الإمارة ، مشرفين على صناديق أهل السوق ، فقال له عليّ عليهالسلام : إن أبيت يا أبا يزيد ما أقول فانزل إلى بعض هذه الصناديق فاكسر أقفاله وخُذ ما فيه .
فقال : وما في هذه الصناديق ؟
قال : فيما أموال التجّار .
قال : أتأمرني أن أكسر صناديق قوم قد توكّلوا على الله وجعلوا فيها أموالهم ؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين ، وأعطيك أموالهم ... ؟
وزاد في حديث الصواعق المحرقة أنّه ثمّ قال عقيل : لآتينّ معاوية .
فقال عليّ عليهالسلام : أنت وذاك .
فأتى عقيل معاوية فسأله فأعطاه مائة ألف ، ثمّ قال له : إصعد المنبر فاذكر ما أولاك به عليّ وما أوليتك .
فصعد فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : ـ
أيّها الناس إنّي اُخبركم إني أردتُ عليّاً عليه علىٰ دينه فاختار دينه ، وإنّي أردتُ معاوية علىٰ دينه فاختارني على دينه(١) .
وعدل أمير المؤمنين عليهالسلام في جميع حياته ومجالاته ممّا لا يختلف فيه إثنان .
وهو القائل : ( وَاللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلَالِ
__________________________________
(١) فضائل الخمسة من الصحاح الستّة / ج ٣ / ص ٢٢ .