آخر يطلب من الإمام عليهالسلام حاجته ، ويبدو من لسانه أنّه شخصٌ قرويّ ، ويقول بلهجةٍ حادّة للإمام عليهالسلام : ـ
( لو لم تعطني حاجتي لا أزورك بعد هذا أبداً ) .
ومرّت سبعة أيّام على هذه القضيّة ، وبينا أنا أيضاً مقابل للضريح الشريف أطلب حاجتي ، إذ سمعت ذلك القروي يقول للأمير عليهالسلام بلهجته الخاصّة : ـ
( أروح لك فدوه يا علي ، أعطيتني حاجتي ، كفو ، كفو ، كفو ) .
قال ذلك العالم : لمّا رأيت أنا ذلك هاجت نفسي ، وخرجتُ عن الطبيعة ، ونفذ صبري ، وصرتُ أقول للإمام عليهالسلام بخشونة شديدة :
( شنو حاجة هذا المعيدي غير الدُّنيا ، تعطيه سريعاً ، ولا تعطيني حاجتي وهي للدفاع عنكم وكتابة فضائلكم ) .
وخرجت من الحرم الشريف شبه الزعلان ، وبحالة الغضب ـ وهذا هو محلّ الصبر على الطاعة وعلى تلك المكارم الأخلاقيّة ، وامتحان من يدوم له لين العريكة ومن لا يدوم ـ .
ولمّا وصلت إلى داري ندمتُ كثيراً على أنّه لماذا تجاسرت بخدمة الإمام عليهالسلام وهو خلاف الأدب .
وخصوصاً وبيما أنا كذلك ، إذ طرق باب الدار جارٌ لنا ، فذهب ولدي وفتح الباب ، ودخل عَليَّ جارنا ، فرحّبت به ، وجلس عندي ، ودار الكلام عندنا فقال الجار : نحن في حالة انتقال إلى دارٍ جديد ، وقد نظّفنا دارنا الفعلي لنحوّله إلى المشتري ، وفي أثناء تنظيف رفوف الدار عثرتُ في الرفّ الأعلى على كتابٍ أنا لا أستفيد منه لأنّي لا أعرف القراءة والكتابة ..
فقلتُ لابني : ـ إذهب بهذا الكتاب ، واجعله في المسجد .
فقال ابني : ـ لا يا أبه ، لا تجعله في
المسجد ، بل أعطه لجارنا العالم حتّى