إلا خبطوه ، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه ، شأ ذلك أو أبي ، فأنكرت عقلي ..
فمكثت أكابد ما في نفسي ، ورأيت في الليل المقداد ، وسلمان ، وأبا ذر ، وعبادة بن الصامت ، وأبا الهيثم بن التيهان ، وحذيفة ، وعمارا ، وهم يريدون أن يعيدوا الامر شورى بين المهاجرين) (١).
__________________
(١) شرح النهج / ابن ابي الحديد / ج / ص ١٠٦.
وان كان في كلامه ونقله نحو تأمل ، وذلك لان اعادة الامر شورى لا محل لها هنا اصلا ، إذ لو رجعنا الى نص حديثه الذي يذكره هو بنفسه بعد ذلك في صفحة (١٨٤) فيقول فدعوني إليهم فاتيتهم ، فوجدت المقداد بن الاسود .. ويذكرهم واحدا بعد واحد ، وإذا بحذيقة يقول لهم «والله ليكونن ما اخبرتكم به ، والله ما كذبت ولا كذبت ،» فلو تأملت هذا القول ستري غرابة «وإذا القوم يريدون ان يعيدوا الامر شورى بين المهاجرين» ، ويحتمل في هذه الاضافة واحتمالين اما ان تكون قد جاءت من قبل الراوي ، واضيفت الى كلام البراء.
أو انها جاءت تبرعا من الناقل نفسه ، ولم يفهم حديثهم ، فظن هذا الظن.
والا فمقتضي سياق الكلام ان حذيقة وبما انه من الاشخاص العارفين بالمنافقين وباسمائهم واشخاصهم ، فلديه علم من المعصوم عليه السلام بما سيجري على هذه الامة بعد بيعة السقيفة ، فاخبرهم بذلك ، والقرينة على هذا قوله ما كذبت ولا كذبت فهذا يقتضى الاخبار لا الانشاء بحدوث امر معين هذا اولا ، وثانيا قوله ثم قال : ائتوا ابي بن كعب ، فقد علم ما علمت ، قال فانطلقنا الى ابي ، فضربنا عليه بابه ، حتى صار خلف الباب فقال : من انتم؟! فكلمه المقداد ، فقال ما حاجتكم؟! فقال له : افتح عليك بابك فان الامر اعظم من ان يجري من وراء حجاب قال : ما انا بفاتح بابى ، وقد عرفت ما جئتم له ، كانكم اردتم النظر في هذا العقد. فقلنا : نعم فقال افيكم حذيقة؟! فقلنا : نعم ، قال : فالقول ما قال ، وبالله ما افتح عنى بابي حتى يجرى على ما هي جارية ، ولما يكون بعدها شر منها ، والى الله المشتكي» شرح النهج / ج ١ / ص ١٨٤.
وهناك قرينة خارجية توضح هذا الامر بصورة جلية إذ بعد قتل عثمان ، ومبايعة علي عليه السلام ، خطب حذيقة هذا في الكوفة مع شدة مرضه ومن جملة ما قال «فعليكم بتقوى الله وانصروا عليا وازروه ، فوالله انه لعلى الحق اخرا واولا وانه لخير من مضى بعد نبيكم وخير من بقى الى يوم القيامة. ثم اطبق بيمينه على يساره ثم قال : اللهم اشهد اني قد بايعت