لان هذا لم يحدث ، ولن يحدث ، لانه ما حدث عندما كان المجتمع قليلا فكيف يحدث والمجتمع بهذه السعة وبهذا العدد!؟
وكيف الامر سيكون لو بايعوه ، ثم لم يرض به عدد منهم ، أولم يرض به جلهم ، أو لم يرض به كلهم؟!
ما هذا إلا أثارة فتن وعداوات وما هو إلا اختلاف كبير ولو كان من عند ألله لما وجدوا فيه اختلافا كبيرا.
والعجيب أنهم يستدلون ببيعة أبي بكر وفيها : ـ
أولا : إنها بحد ذاتها ليست حجة بأي حال من الاحوال.
ثانيا : أنها (فلتة) على حد تعبير الخليفة الثاني وعلى حد تعبير الاول كذلك ، فعلى أي معنى حملنا (الفلتة) فلا يمكن أن تكون مقياسا للحكم.
وذلك لانه إن كانت فلتة بمعنى إنها ليست ذات أسس صحيحة وليس لها رصيد إلهي فهي ساقطة من الجذور جزما.
وإن كانت على رأي من دافع عن الحاكمية الاولى بمعنى المباغتة فكذلك لان ما كان حاله كذلك كيف يجعل مقياسا لاستنباط الاحكام الالهية.
وثالثا : إنها لم تثبت للخليفة الثاني كذلك.
ورابعا : إنها لم تكن باعتراف الخليفة الثاني أيضا لا من الله ولا من رسوله إذ قام وقال بصريح العبارة وواضحها : ـ
(ايها الناس إني كنت قلت لكم بالامس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وآله) (١).
فالبيعة نعود ونكرر ونقول بإنها لا يمكن أن تكون حجة علينا أو على أي
__________________
(١) راجع سيرة ابن هشام / ح ٤ / ص ٣١١.