الخلاصة
بعد أن انتهينا من بيان حال الأسانيد الخمسة للوضوء الغسليّ عن ابن عباس ، لا بدّ لنا من تلخيص الكلام فيها ، فنقول وبالله المستعان :
أوضحت لنا الصفحات السابقة ، أنّ الطرق الغسليّة عن ابن عباس تنتهي إلى تابعيّين قد رويا الغسل عنه. هما :
الأوّل : عطاء بن يسار.
فقد وقع في الإسناد الأوّل إليه سليمان بن بلال ، وفي الإسناد الثاني هشام بن سعد ، وفي الإسناد الثالث محمد بن عجلان ، وفي الإسناد الرابع عبد العزيز ابن محمد الدراوردي ، وهؤلاء ممن لم يتفق الأئمّة على وثاقتهم ، وإنّ قول الرجاليين عنهم (لا بأس به) (صدوق) وو .. يشعر بعدم شريطة الضبط ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فقد أثبتنا لك فيما تقدّم أنّ رواية زيد بن أسلم عن عطاء منقطعة أو في حكم المنقطعة ، وذلك لأنّه مدلس ، ونقلنا لك تصريحات الأئمّة على تدليسه عن أربعة من الصحابة ، مع ملاحظة أنّ زيدا لم يثبت له سماع عن عطاء ثبوتا معتبرا في مصنّفات الحديث.
الثاني : سعيد بن جبير (١).
وقد وقع في الإسناد إليه الحسن بن علي الخلّال الحلواني الذي ليّنه أحمد بن حنبل وأبو سلمة ، ووقع فيه عباد بن منصور الذي ضعّفه ابن معين والنسائي والساجي والدورقي وابن سعد وغيرهم من أئمّة الجرح والتعديل. وإنّ وجود هذين الشخصين في خبر سعيد بن جبير يسقطه من الاعتبار والحجية ، وخصوصا مجيء عباد بن منصور في إسناد يرويه عن عكرمة الّذي احتمل البخاري تدليسه عنه بقوله (ربّما دلس عن عكرمة) (٢) ، مع معرفتنا بأنّ عبادا كان قدريّا يدعو إلى مذهبه ويروي
__________________
(١) وهو ما جاء في سنن أبي داود ١ : ٣٣ ح ١٣٣.
(٢) ميزان الاعتدال ٢ : ٣٧٨.