فيهم
فأمّا عبد الرزاق
فهو ممن احتجّ به أئمّة أهل العلم وأصحاب الكتب الستة ، إلّا أنّه ورد فيه بعض التليين ، وغاية ما قيل فيه من جرح أو تليين ثلاثة أشياء لم يعبأ بها أهل العلم ، وهي :
الأول : تكذيب العنبري له.
قال العنبري (العباس بن عبد العظيم) فيه : واللّٰه الذي لا إله إلّا هو إنّ عبد الرزاق كذّاب (١).
وتهمة العنبري هذه غير مفسّرة ، إذ أنّه لم يبيّن موارد كذبه ، وفي أي حديث كان؟! فعدم ذكره لها يعني إسقاط كلامه من الاعتبار ، وجعله بمثابة الدعوى التي يطالب قائلها بشاهد عليها ، والذي يزيد هذه التهمة إبهاما وسقوطا هو تفرّده في نسبتها إلى عبد الرزاق ، ولم يتابعه عليها أحد من الأعلام.
فقد قال ابن حجر : «عبد الرزاق أحد الحفّاظ الإثبات ، صاحب التصانيف ، وثّقه الأئمّة كلّهم إلّا العبّاس بن عبد العظيم العنبري وحده ، فتكلّم بكلام أفرط فيه ولم يوافقه عليه أحد» (٢).
وقال الذهبي ـ في السير ـ عن عبد الرزاق «.. بل واللّٰه ما بر العبّاس بيمينه ، ولبئس ما قال ، يعمد إلى شيخ الإسلام ومحدّث الوقت ، ومن احتج به كلّ أرباب الصحاح .. فيرميه بالكذب ، ويقدّم عليه الواقدي الذي أجمعت الحفّاظ على تركه ، فهو في مقالته هذه خارق للإجماع بيقين» (٣).
وقال في الميزان : «هذا ما وافق العبّاس عليه مسلم ، بل سائر الحفّاظ وأئمّة العلم يحتجّون به إلّا في تلك المناكير المعدودة» (٤) ، فتعبير الذهبي عن المناكير ـ بـ (المعدودة) ،
__________________
(١) حكاه عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٩ : ٥٧١ ، وابن حجر في مقدمة الفتح : ٤١٨.
(٢) مقدمة فتح الباري : ٤١٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ٩ : ٥٧١ ـ ٥٧٢.
(٤) ميزان الاعتدال ٢ : ٦١١.