ثمّ تفسير الآخرين لها ، ممّا يهوّن الخطب ، لأنّها معدودة ومعروفة عند أصحاب الحديث ، فيمكن للباحث الوقوف عندها لدراستها.
هذا ، وإنّ الذهبي في ميزانه (١) وابن عدي في ضعفائه (٢) قد أشارا إلى أنّ هذه المناكير قد رواها الضعفاء والمتروكون عن عبد الرزاق ، فهي إذن مناكير من جهة من روى عن عبد الرزاق لا من جهته ، فالتفت.
ويدل عليه ما جاء عن أحمد بن حنبل أنّه قال : حدثني أحمد بن شبويه ، قال : هؤلاء ـ أي الّذين حدّثوا عنه المناكير ـ سمعوا بعد ما عمي ، كان يلقّن ، فلقّنه ، وليس هو في كتبه ، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه ، كان يلقنها بعد ما عمي (٣).
وقال الذهبي : سمعت أبا عليّ الحافظ ، سمعت أحمد بن يحيى التستري يقول : لما حدّث أبو الأزهر بهذه الفضائل أخبر يحيى بن معين ـ تلميذ عبد الرزاق ـ بذلك ، فبينما هو عنده في جماعة أصحاب الحديث إذ قال : من هذا الكذّاب النيسابوري الذي حدّث بهذا عن عبد الرزاق؟! فقام أبو الأزهر ، فقال : هو ذا أنا ، فتبسّم يحيى ابن معين ، وقال : أما إنّك لست بكذّاب ، وتعجّب من سلامته ، وقال : الذنب لغيرك (٤).
وقال ابن الصلاح «.. وقد وجدت فيما روي عن الطبري ، عن إسحاق ابن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق ، أحاديث أستنكرها جدا ، فأحلت أمرها على ذلك ـ أي عند ذهاب بصره ـ فإنّ سماع الدبري منه متأخّر جدّا ، قال إبراهيم الجري : مات عبد الرزاق وللدبري ستّ أو سبع سنين» (٥).
__________________
(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٦١٣.
(٢) الكامل في الضعفاء ٥ : ٣١٣.
(٣) تهذيب الكمال ١٨ : ٥٧.
(٤) سير أعلام النبلاء ٩ : ٥٧٥.
(٥) مقدمة ابن الصلاح : ٥٩٧.