ابن الحجاج (١) ، وجابر بن زيد (٢) ، وطاوس (٣) و ..
وتكثّر هذه الطرق عن ابن عباس ربّما يشعر بثبوت هذا المرويّ عنه في الجملة ، خاصّة لو علمنا أنّ بعض هذه الطرق صحيح سندا ، فتكذيب ابن المسيب لعكرمة ، لا وجه له إذن ، فإذا فهمت ذلك ، فاعلم أنّ عدم اطلاع ابن المسيب على باقي الطرق الّتي روت عن ابن عبّاس ذلك لعلّه هو الّذي دعاه للتكذيب ، وهذا هو الّذي عنيناه بما تقدم من قولنا أنّه جرح غير مفسر ، لأنّه لا يفسر لنا كذب عكرمة وإخباره بغير الواقع ، بل استقربنا من خلاله خطأ ابن المسيب واجتهاده ، على أنّ ما رواه عكرمة عن ابن عبّاس في هذه القضيّة ليس بهذا النحو النّاقص الموهم ، الّذي سبّب في أن يطعن ابن المسيب فيه ، فهناك طرق أخرى عن عكرمة رواها عن ابن عبّاس فيها أنّ النبي صلىاللهعليهوآله تزوّج بميمونة بعد تمام فريضة الحج أثناء رجوعه إلى المدينة.
روى عبد اللّٰه بن أحمد بن حنبل عن أبيه ، قال : حدثنا إسماعيل (٤) ، أخبرنا أيّوب (٥) عن عكرمة ، عن ابن عبّاس : أنّ رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله نكح ميمونة وهو محرم ، وبنى بها حلالا بسرف (٦).
وأمّا ما روي عن سعيد بن جبير (٧) من أنّ عكرمة روى عن ابن عباس كراهة استئجار الأرض ، فلعلّها كانت في موارد مخصوصة لا يباح فيها الإجارة ، لأنّ كراء الأرض واستئجارها عنوان كلّيّ يدخل تحته موارد يصح فيها الاستئجار ، وموارد لا يصح (٨) ، واحتمال كون المكروه هي تلك الموارد ـ المخصوصة عند ابن عباس ـ له
__________________
(١) انظر مسند أحمد ١ : ٢٢١ ، ٢٢٨ ، ٣٣٧.
(٢) انظر مسند أحمد ١ : ٢٨٥ ، ٢٦٢.
(٣) انظر مسند أحمد ١ : ٢٥٢.
(٤) وهو إسماعيل بن عليّه ، الذي احتج به الجماعة (انظر تهذيب الكمال ٣ : ٤٥٩).
(٥) هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، وثقه أهل العلم (انظر تهذيب الكمال ٣ : ٤٥٧).
(٦) مسند أحمد ١ : ٣٥٩ ، ومثله في صفحة ٣٥٤ و ٢٨٦.
(٧) في مقدمة الفتح : ٤٢٥ انه سعيد بن المسيب.
(٨) انظر المجموع ١٥ : ١٣ ـ ١٤ ، المغني لابن قدامة ٦ : ٦٦ ، مغني المحتاج ٢ : ٣٤٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٨٧ وغيرها من المصادر ، ومن تلك الموارد ما لو اشترط المؤجر من المستأجر أن يزرع فيها ويغرس ولم يبين مقدار كل واحد منهما ، ففي هذه الصورة لا تجوز الإجارة.