وجه وجيه ، فلا يستقيم الطعن في عكرمة.
وأمّا ما رواه مسلم الزنجي ، عن عبد اللّٰه بن عثمان بن خيثم ، عن سعيد بن جبير فلا يصح ، لكون الزنجيّ ضعيف ، كثير الأوهام ، منكر الحديث (١).
وأمّا ما رواه عثمان بن مرة من أن عكرمة كذب على ابن عباس في أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نهى عن المزفّت والنقير والدباء و ..
ففيه أنّ هذا النهي قد صدر فعلا وبطرق مستفيضة عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، فتكذيب عكرمة في نقله لهذا الحديث لازمة عدم الاطلاع على الطرق الأخرى ، ولا لوم على عكرمة في ذلك.
وأمّا ما رواه القاسم بن معن في قضية الدواة والقرطاس ، فإنّه يوجب مدحا لعكرمة لاذما ، لأنّه يدل على صدقه ووثاقته وخوفه من اختلاط الحديث بالرأي ، قال ابن حجر : ففيها دلالة على تحرّيه فإنّه حدّثه في المذاكرة بشيء ، فلمّا رآه يريد أن يكتبه عنه شك فيه فأخبره أنّه إنّما قاله برأيه ، فهذا أولى أن يحمل عليه من أن يطعن به أنّه تعمّد الكذب على ابن عبّاس (٢).
وأمّا ما قاله ابن سيرين ، فليس فيه طعن في عكرمة ووثاقته في الحديث ، فإنّ الجرح قد جاء لعدم ارتضاء ابن سيرين آراء عكرمة الفقهية ، لا لشكّه في وثاقته ، ويدلّ على ذلك أنّ ابن سيرين إذا قال «ثبت عن ابن عباس» يعني به عكرمة (٣).
وأمّا ذمّ الإمام مالك له بدعوى كونه من الخوارج ، فهو لم يثبت عنه ـ على ما
__________________
(١) هو مسلم بن خالد بن قرقرة الزنجي ، أبو خالد المكي ، أكثر أهل العلم على تضعيفه واستنكار مروياته (انظر تهذيب الكمال ٢٧ : ٥٠٨ ، التاريخ الكبير ، للبخاري ٧ : الترجمة ١٠٩٧ ، سير أعلام النبلاء ٨ : ١٥٨ وغيرها من المصادر).
(٢) مقدمة فتح الباري : ٤٢٧.
(٣) مقدمة فتح الباري : ٤٢٦ وفيه (قال خالد الحذاء كل ما قال محمد بن سيرين (ثبت عن ابن عباس) فإنما أخذه عن عكرمة ، وكان لا يسميه لأنّه لم يكن يرضاه).