يكتب له (١).
والحاصل : فإن أبا عوانة ـ على ضوء هذه الأقوال مع أخرى غيرها ـ ثقة في نفسه ، لكنه سيئ الحفظ ، كثير الغلط والوهم ، وكان لا يعرف الكتابة ، على ما هو صريح ابن معين.
والذي ينبغي أن يتساءل عنه : هو أنّه إذا كان لا يقدر على الكتابة ، فمن كان يكتب له كتبه هذه الّتي يقال عنها أنّها صحيحة؟
وهل أنّ هذا الكاتب المجهول ثقة في نفسه؟! وما هي مدة ملازمته لأبي عوانة؟
وهل كان يدوّن ما سمعه على الفور أم كان يدوّنه بعد فترة متأخرة؟
وهل هو كاتب واحد أم أكثر؟
وكيف لنا أن نثبت كون هذه الرواية التي في كتابه هي ما سمعه فعلا عن شيخه بحيث لم يتلاعب بها هذا الكاتب المجهول ، حتى يمكننا القول بصحتها ولزوم الأخذ بها؟! إلى غيرها من التساؤلات المعقولة والتي يفترض أن تطرح فيما نحن فيه ، وإنّ ورود هذا الاحتمال يسقطه عن الاعتبار والحجّية لاحتمال دخول الخطأ والوهم فيما يروي.
ونحن لو أخذنا بهذه التساؤلات مع ما قيل من احتمال ورود الإيهام ، لو حدّث عن غير كتابه ، لسقطت مرويّاته عموما ، سواء حدّث بها عن كتابه أو نقلا عن كتب الآخرين أو حفظا عن خاطره.
ويحتمل أن يكون هذا هو السر في عدم إخراج الشيخين (البخاري ومسلم) له حديثا عن علي في الوضوء البياني.
ويضاف إليه أننا لم نعثر على كتب له غير مسنده المسمى باسمه ، إلّا أنّه لم يرو فيه عن علي في الوضوء شيء ، فراجع لتتأكد.
وقد يحسب أبو عوانة ـ في بعض الأوقات ـ أنّه يحدث عن كتابه مع أنّ واقع
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٨ : ٢٢٠.