٥ ـ وقال الدارمي أيضا : أخبرنا أبو نعيم. حدثنا حسن بن عقبة المرادي أخبرني عبد خير بإسناده نحوه (١).
٦ ـ روى عبد اللّٰه بن احمد بن حنبل عن أبي إسحاق عن أبي حية ، قال : قال علي من سره أن ينظر إلى وضوء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله فلينظر اليّ ، قال : فتوضأ ثلاثا ثلاثا ثمّ مسح برأسه (٢).
ولا يخفى عليك أنّ الأسانيد هنا إلى خالد بن علقمة أقوى اتصالا وامتن طريقا بخلاف الأسانيد إليه في تلكم المرويات في الوضوء البياني الغسلي المفصل عن علي.
وهذا أمر واضح لأهل الخبرة.
والذي نريد قوله هنا : هو أن الرواة كانوا لا يرون ضيرا في أن يرووا بالمعنى وأن لا يتحددوا بلفظ الرواية الخاص.
وفيما نحن فيه فإنه روي عن علي أنه حكى تارة وضوء رسول اللّٰه وتارة طهوره.
وتارة روى عنه أنه ذكر وضوء رسول اللّٰه ثلاثا ثلاثا ، وأنت ترى أن المقصود من الجميع هو المضمضة والاستنشاق والاستنثار ثلاثا ثلاثا ، وهذا لا خلاف بين المسلمين في استحبابه ، الا أن الكلام يقع حول التثليث ، إذ واضح من هذه الروايات أنّ التثليث المروي عن علي انما هو في خصوص الاستنشاق والاستنثار والمضمضة ، فتوهم الرواة فيما بعد أن هذا التثليث سار على جميع أعضاء الوضوء ويؤيد ذلك ما تقدم من رواية رقم (٦) إذا فيها أن أبا حية قال : فتوضأ علي ثلاثا ثلاثا ثمّ مسح برأسه ، ومعلوم أن «ثمّ» هنا تفيد معنى التعقيب والتراخي ، بمعنى أن مسح الرأس شيء لا علاقة له بالوضوء الذي يقصده أبو حية ، فإنه لا يقصد من الوضوء إلا المضمضة والاستنشاق والاستنثار ..
على أننا ننبهك بأننا لا نريد الاستدلال بهذه الرواية على شيء سوى أن الرواة قد يصطلحون على بعض أفعال الوضوء ولو كانت مستحبة بأنها وضوء وهذا يمكن الاستدلال عليه برواية أبي حية هذه كما هو واضح.
__________________
(١) سنن الدارمي ١ : ١٧٨ باب المضمضة.
(٢) مسند أحمد ١ : ١٤٢ مسند علي.