مشروعية الغسل ، فأرادا بكلامهما إلزام الآخرين بما ألزموا به أنفسهم ، لا اعتقادا منهم بمشروعية الرأي والاستحسان.
ومع أننا نلاحظ وحدة المنقولات عن علي وابن عباس نلاحظ العكس في مرويات الاتجاه المقابل.
فعثمان وأنصاره ـ من أنصار الغسل ـ قد اختلفوا في النقل عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، فأحدهم يروي عنه صلىاللهعليهوآله أنه مسح رأسه ثلاثا ، والآخر يقول أنّه صلىاللهعليهوآله مسحه واحدة ، وثالث يزيد قيد «مقبلا ومدبرا» فيه ، ورابع يجعل باطن الأذن في الوجه وظاهرها من الرأس ، وخامس ينقل عنه صلىاللهعليهوآله قوله : الأذنان من الرأس ، وسادس يفرّق عدد الغسلات للأعضاء فيجعل عدد غسل الوجه ثلاثا واليدين مرّتين والرجل واحدة ـ كما فيما روى عن عبد اللّٰه بن زيد بن عاصم ـ والآخر يجعلها ثلاثا في الكل ، وهكذا دواليك إلى ما شاء اللّٰه من الاختلافات.
فهذا الاختلاف في النقل ينبئ عن تحكيم الرأي وتعدّده فيه ، فرسول اللّٰه إمّا أن يكون مسح رأسه مقبلا ومدبرا ثلاثا ، أو مسح ببعض الرأس ولا غير. وهكذا الحال بالنسبة إلى غسل اليدين ، فهل السنة عنه صلىاللهعليهوآله هي المرتان ـ كما روي عن عبد اللّٰه ابن زيد بن عاصم ـ أم الثلاث ـ كما نقل عن الآخرين ـ؟؟
إنّ كثرة الاختلاف تنبئ عن تعدّدية الرأي واختلاف المشارب والاتجاهات ، وأنّ كلّا يريد تحكيم رأيه بنسبته إلى رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله.
ومما تجب الإشارة إليه هنا هو إنّ أكثر الصحابة إن لم نقل كلهم ـ من رواة الغسل ـ كانت الأسانيد إليهم ضعيفة والطرق إليهم واهية ، وبخاصة لو لاحظنا معارضتها للطرق المسحية الصادرة عنهم ، وإنّا إن شاء اللّٰه سنثبت بأن الغسل موقوف على عثمان بن عفان وقد فهمه برأيه الخاص ، وهو من قبيل ما قاله في : (رأي رأيته) ، وذلك عند مناقشتنا لمروياته ، وأنه ليس في مرويات الآخرين ما يؤكد رفعها إلى رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله لثبوت ضعف النسبة إليهم.
وعلى ذلك فقد يكون عثمان بن عفان قد التبس عليه أمر الوضوء ، فاعتبر ذي المقدمة هو المقدمة ، وأكّد على كونه السنة المفروضة ، وأنّه من أجزاء الوضوء وهذا هو الذي كان يتخوف رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله منه على أمّته من بعده ، حيث صح عنه قوله