الإمام محمد الباقر ، حتى تناقل الأعلام في المدرسة المقابلة ثبوت المسح عنه ، إذ مر عليك كلام الفخر الرازي في تفسيره ، وغيره من أعلام العامّة ، وذلك لأنّ الإمام الباقر عاش في فترة انفتاح علمي وارتفاع الضغط عنه ، لإشراف الحكومة الأموية على نهاياتها وانشغالها بالحروب والانقسامات ، وكذلك صدرت روايات أخرى عن الإمام الصادق لنفس السبب ، فعدم اتقاء الإمام الباقر الأمويون في الوضوء والتقاء الإمام الصادق أولئك ـ كما في بعض الاخبار ـ تؤكّد سير المسألة.
فمن كلّ هذه الدلالات والقرائن والإشارات والتّتبعات نعلم بلا شك ولا ارتياب ، أنّ نسبة الوضوء المسحي إلى عليّ بن أبي طالب هو الأصحّ والأثبت والأوفق بالسير الطبيعي ، والأنسب بمواقف علي وحياته العلميّة والعمليّة ، لروائيته عنه عند الفريقين وكذلك ابن عباس ، وأنّ الوضوء الغسلي المنسوب إليه لا يتلائم مع شخصيته ولا منهجيته العلميّة ولا العمليّة ، وإنّما هو أنسب بعثمان والأمويين ومن تابعهم من أصحاب الرأي والاجتهاد ، الّذين راحوا ينسبون آراءهم إلى الطرف المقابل لهم في الفكر والمباني ليوفّروا لآرائهم الغطاء الشرعي.