في نسخة القعنبي ، فإما أسقطه ، وإما سقط له ، ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث في عبد اللّٰه بن زيد بن عاصم «وهو جد عمرو بن يحيى» إلّا مالك وحده ، ولم يتابعه عليه أحد ، فإن كان جدّه ، فعسى أن يكون جدّه لأمّه.
وممّن رواه عن عمرو بن يحيى : سليمان بن بلال ، ووهب ، وابن عيينة ، وخالد الواسطي ، وعبد العزيز بن أبي سلمة ، وغيرهم ، ولم يقل فيه أحد منهم : وهو جدّ عمرو بن يحيى ، وقد نسبنا عمرو بن يحيى بما لا اختلاف فيه (١).
وهذا أوّل الكلام والبحث لا ينتهي عنده ، والسؤال المطروح الآن : من هو الراوي الأخير عن رسول اللّٰه؟ أهو عمر بن أبي حسن ، أم ..؟
وإلى من يرجع ضمير «وهو جدّ عمرو بن يحيى» في نصّ البخاري والبغوي وغيرهم ، هل إلى عبد اللّٰه بن زيد؟ أم إلى الرجل المبهم ، أم إلى عمر بن أبي الحسن؟
وهل الواقعة كانت حكاية من عبد اللّٰه لصفة وضوء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ابتداء ، أم أنه توضّأ ثمّ نسب فعله إلى رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله؟ إلى غيرها من التساؤلات التي تثبت الاضطراب وترشدنا إلى أنّ تضعيف ابن معين وابن المديني والدار قطني لعمرو بن يحيى كان في محلّه جدا ، إذ كيف يختلف راو في نقله عن أبيه إلى هذا الحدّ.
نعم ، هو ثقة في نفسه ـ كما هو صريح غير واحد ، كما قدمنا إليك ـ لكنّ الوثاقة شيء والاحتجاج بما يقوله شيء آخر ، هذا من جهة. ومن جهة أخرى ، فإن الاضطراب فيما رواه عمرو بن يحيى ، مستقر الأطراف ، فلا يمكن ترجيح وجه من وجوه الاضطراب على الآخر ، فغالب الأسانيد متّصلة صحيحة إليه ، وخصوصا بعد ما عرفت جهالة عمرو بن أبي حسن ، وعدم ثبوت كونه من الصحابة أو التصريح بجهالة رجل فيه ، لقوله «إنّ رجلا سأل عبد اللّٰه ..» في نصّ آخر. ولو ثبت وجود رجل مجهول في السند فسيكون حكمه حكم المنقطع ولا يمكن الاحتجاج به.
والإسناد المضطرب كما تعرف هو ممّا لا يمكن الاحتجاج به ـ إذا لم يترجح أحد
__________________
(١) فتح المالك ١ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤.