الثالثة : إن كثير من العلماء وخصوصا رواة الموطّأ وشرّاحه ، أبهموا السائل ، على ما هو صريح الزرقاني (١) وابن حجر (٢) والعيني (٣) والسيوطي (٤) وغيرهم وهذا يقتضي أن يكون المحفوظ عن الامام مالك هو روايته عن عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن ذلك الرجل المبهم.
ومما يؤيد ثبوت الاضطراب في هذه الأسانيد أنّ الرواة والعلماء قد اختلفوا في تعيين جدّه ، فقال البعض أنه عبد اللّٰه بن زيد بن عاصم ، وقال البعض أنّه عمرو بن أبي حسن وقال ثالث : أنّه أبو حسن ـ على ما رواه سحنون في المدونة ـ ومن العجيب أنّ علماء الدراية قد مثّلوا للاضطراب بمثال ليس بأشدّ اضطرابا من مرويات عمرو بن يحيى ، فقال السيوطي في تدريب الراوي :
«.. ومثاله : ما رواه أبو داود وابن ماجة من طريق إسماعيل بن أمية ، عن أبي عمرو بن محمد بن حريث ، عن جدّه حريث ، عن أبي هريرة مرفوعا «إذا صلّى أحدكم فليجعل شيئا تلقاء وجهه ، الحديث».
اختلف فيه على إسماعيل اختلافا كثيرا ، فرواه بشر بن المفضل ، ورواه سفيان الثوري عنه عن أبي عمرو بن حريث ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ورواه حميد بن الأسود ، عنه ، عن أبي عمرو بن محمد ابن عمرو ، عن جده حريث بن سليم ، عن أبي هريرة.
ورواه وهيب بن خالد وعبد الوارث ، عنه ، عن أبي عمرو ابن حريث ، عن جدّه حريث.
ورواه ابن جريح ، عنه ، عن حريث بن عمارة ، عن أبي هريرة.
__________________
(١) شرح الزرقاني على الموطأ ١ : ٦٥.
(٢) فتح الباري ١ : ٢٣٢.
(٣) عمدة القارئ ٣ : ٦٨.
(٤) تنوير الحوالك ١ : ٣٩.