بهذا بأسا ، فقال له أبو الدرداء : من يعذرني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول اللّٰه وهو يخبرني عن رأيه ، لا أساكنك بأرض أنت بها (١).
وغزا عبد الرحمن بن سهل الأنصاري في زمن عثمان ـ ومعاوية أمير على الشام ـ فمرّت به روايا خمر لمعاوية ، فقام إليها برمحه فبقر كل راوية منها ، فناوشه الغلمان ، حتى بلغ شأنه معاوية ، فقال : دعوه فإنّه شيخ قد ذهب عقله ، فقال عبد الرحمن : كلا واللّٰه ما ذهب عقلي ولكن رسول اللّٰه نهانا أن ندخل بطوننا واسقيتنا خمرا (٢).
ومزّق عبادة بن الصامت الأنصاري مرّة أخرى روايا تحمل الخمر وهي في طريقها إلى الشام ، فأرسلوا إلى أبي هريرة في أن يكلم عبادة ، فإنه لا يتركهم ولا يترك عيبهم ، فكلمه أبو هريرة ، فأجابه عبادة بما كانوا بايعوا عليه رسول اللّٰه في بيعة العقبة من أن لا يكتموا حقّا (٣).
ولشدّة معارضات عبادة الفقهية أرحله معاوية بأمر عثمان من الشام إلى المدينة ، وأبدى عثمان ـ الاجتهادي ـ تذمّره منه قائلا : ما لنا ولك يا عبادة؟! فقام عبادة وخطب بين الناس قائلا : إنّي سمعت رسول اللّٰه أبا القاسم يقول : إنّه سيلي أموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى ، فلا تضلوا بربكم ، فو الذي نفس عبادة بيده إنّ فلانّا ـ يعني معاوية ـ لمن أولئك (٤).
واستمرّت المعارضة الفقهية حتّى ملك معاوية ، فخطب فادّعى الأفضلية لأبي بكر وعمر وعثمان ، ثم فضل نفسه على من بعده ، فكذبه عبادة بن الصامت وقرعه بالحجة الواضحة ، فأمر معاوية به فضرب (٥).
وأجاز اجتهاد معاوية ـ القرشيّ ـ الجمع بين الأختين بملك اليمين!! فاعترض
__________________
(١) الموطأ : ٥٩ ، سنن النسائي ٧ : ٢٧٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٠.
(٢) الإصابة ٢ : ٤٠١ ، الاستيعاب ٢ : ٥٤٠١ أسد الغابة ٣ : ٢٩٩.
(٣) تاريخ دمشق ٧ : ٢١١.
(٤) مسند احمد ٥ : ٣٢٥ ، تاريخ دمشق ٧ : ٢١٢.
(٥) تاريخ دمشق ٧ : ٢١٣.