١ ـ التعبد المحض
٢ ـ الرأي والاجتهاد
وأكدنا فيه بأنّ الفقه الحاكم كان يأخذ بالاجتهاد قبال النص بعكس التعبد المحض الذي لا يرتضي إلّا التحديث عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد قام الوزير اليماني بدراسة تتبع فيها أحاديث معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ـ وهم من النهج الحاكم ـ توصل من خلالها إلى أنّ الأحاديث المروية عن هؤلاء وحدة مترابطة تصب في هدف محدد واحد.
وتلخص مما سبق : إنّ الوضوء الغسلي هو الأقرب إلى نفسية عبد اللّٰه ابن عمرو بن العاص وإن لم يصح إسنادها إليه ـ حسب ما قدمنا ـ طبق ضوابط المحدثين ، وإنّ المسح كان ممّا يعمل به عبد اللّٰه في عهد رسول اللّٰه لما حكاه عنه (كنا في غزوة فأرهقنا.)
وقد مر عليك قول الأعلام بأنّ هذا النص أدل على المسح من دلالتها على الغسل ، وبذلك فقد عرفنا أنّ المسح هو ما عمل به الصحابة على عهد رسول اللّٰه ومنهم عبد اللّٰه بن عمرو ، أمّا الغسل فهو أمر طارىء حدث بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ولظروف شرحناها مفصلا. وقد كانت للدولة الأموية يد في ذلك.
ولرب سائل يقول : إن اتحاد بعض الأحكام ـ بين اليهودية والإسلام ـ في الشريعة لا يعني اتخاذ هذه الأحكام منهم ، فقد تكون مشرّعة وممضاة من قبل الإسلام كذلك ، لعلمنا بأنّ الإسلام قد أقرّ أحكام كثيرة كانت في الأديان السابقة ، ومنها شريعة موسى عليهالسلام ، فقد يكون الوضوء من تلك الأحكام الممضاة من قبل الشارع؟ وبعد هذا لا يجوز حصر الوضوء الغسلي باليهود ، إذ أنّه إسلامي كذلك ، لإمضاء اللّٰه ورسوله له؟
الجواب :
إنّ ما قلتموه صحيح ، لو ثبت صدور الغسل عن اللّٰه ورسوله ـ حسب القواعد العلميّة ـ لكنك قد عرفت سابقا بأنّ مرويات الغسل مرجوحة بالنسبة إلى مرويات المسح من جميع الجهات ، وسيأتي عليك في البحث القرآني بأنّ القرآن هو أدل على المسح من الغسل ، وعليه يكون المحفوظ عن الشرع هو المسح لا الغسل ، لكون