وقد نقل الذهبي عن الحاكم النيسابوري : أنّه تكلم في معاوية فأوذي (١).
وقد ضرب النسائي حتى اصابه الفتق ، لعدم روايته في فضائل معاوية ، بل تجريحه له ، وهلموا جرا فعلل وتفعلل؟!! نعم أنّهم نسبوا لإبراهيم بن الحكم الكوفي ، الكذب لروايته حديثا في معاوية لا يقبلونه ، وهذا النهج كان ساريا عندهم وقد وضحنا بعضه سابقا (٢) ، وقد أشرنا إلى دور الأمويين في تحريف الأحاديث لفظا ومعنى ، فإنهم كانوا يقدمون على التحريف المعنوي حينما يرون شيوع النص اللفظي بين الناس بحيث لا يمكنهم تصحيفه وتحريفه ، وقد كان عملهم هذا يعمل بشكلين ، فتارة كانوا يضعون حديثا آخر في تحريفه ، واخرى يأتون بتأويل وتفسير له بصورة ترضيهم بحيث يشكّك الآخرين في دلالته.
ومثال الأول : ما جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة وأبي هريرة : اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو جلدته أو لعنته فاجعلها له زكاة ورحمه (٣).
ومثال الثاني : ما قاله بعض محبي معاوية في تأويل قوله (ص) (لا أشبع اللّٰه بطنك) ، بأنها مكرمة له حتى لا يكون ممن يجوع يوم القيامة لأنه صلىاللهعليهوآله كان قد قال في حديث آخر (أطول الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة) (٤) ، وبذلك يكون هذا النص هو دعاء له لا عليه.
في حين إنا لو عرفنا وقت صدور النص وملابسات لاتضح لنا بأنّه كان دعا عليه
__________________
(١) وهو ما حكاه العماد الحنبلي عنه ، انظر شذرات الذهب ٣ : ١٧٧.
(٢) في مدخل الدراسة راجع (الوضوء في العهدين الأموي والعباسي) منه ، ونسب الخبر في هذه الدراسة.
(٣) صحيح مسلم ٤ : ٢٠٠٧ / ٨٨ ، مسند أحمد ٣ : ٤٠٠.
(٤) الترمذي ٤ : ٥٦٠ رقم ٢٤٧٨ وابن ماجة ٢ : ١١١١ رقم ٣٣٥٠ ، سير أعلام النبلاء ٣ :١٢٣.