الأندلس ، وكان ذلك المنزل المختار مدينة سبتة ، ومن هنا عرفت تلك الأسرة ذات النسبة الأموية بصفة السّبتي أيضا. فالمؤلّف إذن أمويّ ، سبتي. وهذا يلحقه بأعلام المغرب في هذه المدّة ، وإن كانت بلاد المسلمين واحدة من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب.
وقد استظهرت في مقدمة الطّبعة الأولى من هذا الكتاب قبل أن أطّلع على ترجمة المؤلّف معالم شخصيّته ، وملامح ثقافته ، فقلت فيه : إنّ كتاب المؤلّف هذا (تنزيه الأنبياء) كشف عن معرفة بعلوم القرآن والحديث ، وبسطة يد في التفسير وما يتبعه ، ومعرفة واسعة باللّغة والأدب ، والأخبار ، والسّير ، والتواريخ ، ونفوذ في أمور الفقه ، والأصول ، والعقائد ، وقدرة على المناقشة ، وإتقان الأخذ والرّد ، والاستقراء والاستنتاج العلميّ العام ، والفقهي ، والأصولي.
وقد علق أخي وصديقي الدكتور محمد بن شريفة على هذه الملامح التي استظهرتها عن شخصية ابن خمير فقال : إن الاجتهادات التي اجتهدتها في تقييم شخصيته جاءت مطابقة تمام المطابقة للحلى التي أسبغها عليه ابن الشعّار في كتابه (قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزّمان).
وإذا عدنا إلى ما في كتاب قلائد الجمان ٤ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ إلى حيث ترجم للمؤلّف وجدنا قوله : «علي بن خمير أبو الحسن السّبتي : كان فقيها مالكيّا شاعرا مفلقا ، أصوليا ، عالما ، أديبا ، لغويّا ، توفي سنة أربع عشرة وست مائة».
أنشدني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الواحد الأوسي السّبتي بحلب المحروسة ، قال : أنشدني الشيخ أبو الحسن علي بن خمير لنفسه :
إذا شئت أن تبكي فريدا من الهوى |
|
فتندبه بعد النبيّ المكرّم |
فحامل علم ، عالم ، متورّع |
|
حريص على التحريض للمتعلّم |