ويعضد هذا الخبر ما جاء عنه عليهالسلام أنّه قال (١) : «دية النبيّ إذا قتله قومه سبعون ألف رجل من خيار قومه».
[عود إلى قصّة عزير]
فلمّا رأى ذلك دانيال عليهالسلام خرج فارّا بنفسه إلى بلاد مصر ، فبقي فيها أربعين سنة ، ثمّ اشتاق إلى موطنه ومسقط رأسه ، وقبور أسلافه من الأنبياء والأولياء عليهمالسلام فركب حمارا له وأتى نحو بيت المقدس ، فلمّا كان بمقربة منه رأى جنّة كانت له وقد بقي فيها بعض علائق من شجر العنب ، فأتاها فوجد فيها عنبا نضجا ، فاقتطف منها وأكل وملأ سلّة كانت معه ، وركب حماره وسار حتى أشرف على مدينة بيت المقدس ، فرآها خرابا يبابا لم يبق فيها رسم ولا طلل. فتحسّر على فقد الخلان وخراب الأوطان ، كما قيل (٢) :
أحبّ بلاد الله ما بين منعج |
|
إليّ وسلمى أن يصوب سحابها |
بلاد بها عقّ الشّباب تمائمي |
|
وأوّل أرض مسّ جلدي ترابها |
__________________
(١) وفي قصص الأنبياء للثعلبي ، في خبر المرأة التي كلّمت بختنصر في دم يحيى عليهالسلام (فقتل عليه سبعين ألفا حتى سكن فلما سكن قالت له كفّ يدك فإن الله ، إذا قتل نبيّ ، لا يرضى حتى يقتل من قتله ومن رضي بقتله) ٢٢٣.
(٢) البيتان لرفاعة (وقيل رفاع) بن قيس الأسدي ، أو لأبي النّضير الأسدي ، أو لامرأة من طيئ (انظر سمط اللآلي ٢٧٢ ، والكامل للمبرّد ١٤٢ ، ومعجم البلدان (منعج). ومنعج : واد ، يطلق على أكثر من مكان في الجزيرة العربية (وقارن ب : مراصد الاطلاع ٣ / ١٣٢٣).
ـ وفي اللسان (ع ق ق) : يقال للصبيّ إذا نشأ مع حيّ حتى شبّ وقوي فيهم : عقّت تميمته في بني فلان. والأصل في ذلك أن الصبي ما دام طفلا تعلّق أمه عليه التمائم ، وهي الخرز ، تعوّذه من العين ، فإذا كبر قطعت عنه ، ومنه قول الشاعر :
بلاد بها عقّ الشباب تميمتي |
|
وأوّل أرض مسّ جلدي ترابها |
(كذا روايته : تميمتي) ورواية معجم البلدان :
بلاد بها حلّ الشباب تميمتي |
|
وأوّل أرض مسّ جلدي ترابها |